مصعب شريف - دبي
تدخل الدراما الإماراتية منعطفاً تاريخياً جديداً، في رمضان، وهي تتصدى لأول مرة لقضية وطنية سياسية، عبر مسلسل «خيانة وطن من رواية ريتاج» الذي تنتجه «أبوظبي للإعلام»، والمأخوذ من رواية «ريتاج»، للروائي حمد الحمادي.
المسلسل يعتبر العمل الوطني السياسي الأول في تاريخ الدراما الإماراتية، لكونه يعالج أحداثاً حقيقية، وحساسة عاصرها مجتمع الإمارات لسنوات. ويكشف العمل خفايا «التنظيم السري» ل «الإخوان المسلمين»، ويبين تاريخهم، كما يغوص عميقاً في حياة أعضائه الاجتماعية، مبيناً وطأة الأفكار الهدامة التي يحملونها على محيطهم الاجتماعي، بمشاركة مجموعة من نجوم الدراما الإماراتية. «الخليج»تجولت في كواليس العمل خلال تصوير بعض مشاهده في دبي، واستمعت إلى النجوم المشاركين فيه.
بعد أيام قليلة ومع مقدم رمضان ، سيكون بإمكان مشاهدي شبكة قنوات تلفزيون أبوظبي مشاهدة العمل الدرامي الإماراتي الأول من نوعه الذي يتحدث عن السياسة ويناقش الأفكار المختلفة، لتدخل الدراما والفنون معها ب«خيانة وطن»، مرحلة جديدة عنوانها «الدفاع عن الوطن».
كواليس العمل ومواقع تصويره تشبه ساحات للبذل، كل يحاول أن يرد جزءاً قليلاً من دين الوطن المستحق عبر التصدي لهذا الخطر الكبير وكشف الأسرار الخفيّة لطبيعة أخطر وأقدم التنظيمات السياسية، وهو تنظيم «الإخوان المسلمون». هنا تغدو الدراما في المواجهة مباشرة مع الفكر الإرهابي، وبينما يتسلح الفنانون بحب الوطن، وإرثه وقيمه الإنسانية المتوارثة من جيل إلى آخر، في المقابل يحمل «الإخوان المسلمون»، في إديولوجيتهم للوطن، أفكاراً ومخططات موغلة في غرائبيتها، تبدأ بالمزحة السخيفة التي لطالما غسلت بها أدمغتهم، وهي فكرة ال«لاوطن» التي تجذرت لديهم للدرجة التي تجعلهم، يخططون لتدمير وطن لطالما سهر الأجداد وشاقوا في بنائه وإرساء دعائم حضارته، حتى أضحى إحدى علامات التطور والتقدم والرفاهية. ولا تقتصر فكرة ال «لاوطن» التي تعشعش بغوغائية في أذهان «الإخوان المسلمين»، عند هذه النقطة، لتتعداها إلى المخططات الدنيئة والأساليب القذرة التي يكشفها المسلسل بخطوطه الدرامية المختلفة. العمل في الأساس ينهض على رواية «ريتاج» للكاتب الدكتور حمد الحمادي، التي حققت انتشاراً كبيراً، وهي تروي قصة ابنة أحد منتسبي التنظيمات السرية، التي تكتشف لاحقاً بأنها كانت الورقة التي ضلل بها والدها الأجهزة الأمنية، وكانت ضحية لمكائده بدءاً من ادعائه بموت أمها، رغم أنها لم تزل حية، ومروراً بتهديدها بتسليم حبيبها سالم إلى الأجهزة الأمنية وصولاً إلى إرغامها على الزواج كرهاً للتخلص من مسؤوليتها، الأمر الذي يضعها في الضفة المقابلة والمناقضة لضفة الأب الخائن لبلده وأسرته، فتتخذ قرارها بمواجهته.
«خيانة وطن، من رواية ريتاج»، يعري فكرة «الإخوان»، ويفند أفكارهم واحدة تلو الأخرى، وهو الأمر الذي بدأ جلياً في المشاهد التي حضرنا تصويرها أثناء جولتنا الميدانية مع فريق العمل. وعلى الرغم من المباشرة في توصيف العمل، إلا أن أحداثه غنية بالحبكة الفنية التي تنأى به عن فجاجة الهتاف المباشر.
المسلسل من إخراج أحمد يعقوب المقلة، وتأليف إسماعيل عبد الله، ويجسد الشخصيات الرئيسية فيه نخبة من نجوم الدراما الإماراتية والخليجية يتقدمهم حبيب غلوم، وسميرة أحمد، وهيفاء حسين، وجاسم النبهان وفاطمة الحوسني، ومرعي الحليان، ولطيفة المجرن، وهدى حمدان، وعبد الله بهمن وآخرون.
«أبو مصعب يمثل أحد النماذج الموجودة، وهو مثال للشخص الذي يخون وطنه ويخلص في هذه الخيانة». خرجت هذه العبارات بأسى كبير من الفنان الإماراتي المعروف مرعي الحليان، وهو يصف دوره في المسلسل، مشيراً إلى أنه يجسد شخصية «أبو مصعب»، أحد أعضاء التنظيم، وهو مدير مدرسة حاد الطباع، كما أن له أراء متطرفة وتوجهات سالبة. جاهد الحليان نفسه كثيراً ليتمكن من تجسيد الدور، قرأ الكثير عن التنظيم السري، لمعرفة المنتمين إليه جيداً، ليبدأ في تصوير مشاهده مع فريق العمل. ويرى الحليان أن العمل من الأهمية بمكان لكونه يمنح الدراما الإماراتية صوتاً قوياً في مواجهة التطرف والإرهاب، ويتوقع أن يحقق نجاحاً كبيراً نظراً للجرأة التي يطرح بها القضايا وطرق المعالجة الدرامية المختلفة. ويعد الحليان المشاهدين بالكثير من المفاجآت.
في الكواليس تبدو «ريتاج» بطلة العمل، التي تؤدي دورها هيفاء حسين، متحفظة تماماً عن الكشف عن تفاصيل دورها، فهي لا تريد أن تحرق الأحداث، كما أن التفاصيل يمكن أن تفسد المشاهدة، إلا أنها تقول:«يمكن أن أقول بشكل عام إننا نعمل على تبيين تاريخ التنظيم وأهدافه. أما بالنسبة لريتاج، فهي بعيدة عن التنظيم، لكن قريبة منه في نفس الوقت، إن كل أفراد أسرتها أعضاء فيه، وهنالك في هذا السياق صراعات الشابة المطلقة التي لا تتجاوز ال36 عاماً مع والدها، الذي يحاول إجبارها على الزواج ويهددها، كما أن ريتاج تعتبر صاحبة مبدأ عاقلة، ولا يمكن أن تتنازل عن مبادئها من أجل أي شئ». وتتابع حسين، مشيرة إلى أنه عمل وطني سياسي، معقد وصعب، وترى أنه لا جديد بالنسبة لها في الدور فقد أدت أدواراً مثله، إلا أن الجديد في الأمر يتمثل في الأجواء الغريبة التي تحيط بالشخصية، الأمر الذي جعلها تشتبك بحالات مخيفة، فعلى الرغم من أداء حسين لأدوار حزينة كثيرة، إلا أن «ريتاج» وحدها التي خلّفت جروحاً داخلها، عايشت تسلسل الاكتئاب والحزن في شخصية «ريتاج» بمختلف مراحلها، الأمر الذي يؤثر بشكل إيجابي في الدور إلا أنه كان مرهقاً كما تصفه.
فجأة وجد الفنان الإماراتي عبد الله الجنيبي نفسه مجبراً على ترديد عبارات تسيئ لوطنه، الأمر الذي كان وقعه عليه صعباً للغاية، فهو يجسد شخصية «بدر أبو ياسر»، أحد قادة تنظيم «الإخوان المسلمين» في العمل. يبدي الجنيبي دهشته من هؤلاء الذين يمكن أن يمتلكوا جرأة الانضمام لمثل هذه التنظيمات الإرهابية وخيانة أوطانهم، فإذا لم يكن بمقدوره أن يخون وطنه في التمثيل، كيف يجرؤ آخرون على خيانته في الحقيقة.
بهذه الدهشة يروي الجنيبي قصة معاناته مع الدور، مشيراً إلى أن العبارات الموجودة في النص كانت صعبة جداً عليه وعلى زملائه الممثلين «فليس هنالك أسوأ من أن تنطق بما يسيئ لوطنك»، إلا أن حتمية دخول المعركة جعلتهم يؤدون أدوارهم حتى يخرج العمل قوياً.
يعرب الممثل الإماراتي عبد الله الحريبي عن سعادته بالمشاركة في المسلسل، مشيراً إلى أنه مكتوب على أساس أن كل شخوصه أبطال.
يجسد الحريبي شخصية «ياسر»،أحد أبناء الأسر السياسية، وعلى الرغم من بعده عن أفرادها، يتسبب في الكثير من المشكلات له ولأسرته لتكون نهايته مأساوية تماماً.
يوصل الحريبي رسائل متعددة من خلال دوره، ويرى أن مشاركته تمثل تأكيداً على حبه لوطنه، متوقعاً أن الجرأة التي تميز العمل ستجعله في مقدمة أعمال دراما رمضان.
وفي ذات الاتجاه يمضي زميله الفنان الشاب خليفة البحري، مشيراً إلى أنه يجسد دوراً له خط درامي مختلف في المسلسل، فهو«مدمن» بعيد عن السياسة، يكرس حياته للإدمان ويجذب الكثيرين لطريقه، ولكنه لا يستطيع التكملة.
يعرب البحري عن سعادته بالمشاركة في العمل الذي يعتبره نقلة كبيرة في الدراما الإماراتية، متمنياً أن يتمكنوا من إيصال الرسالة، كما يتخوف من أن يكرهه الناس بسبب دوره الذي يؤكد أنه لا يمت بصلة لحياته الحقيقية.
أما النجم الشاب إبراهيم المشرف فيقول: «تجربتي مختلفة تماماً وهو أول عمل لي مع د. حبيب غلوم، وأؤدي دور ماجد، وهو دور لم أتوقعه، لأن الشخصية غريبة جداً، وهو دور متعب، ولي دخل بموضوع التنظيم لكنه طفيف، لا أريد أن أفصح أكثر عن تفاصيل الشخصية وأتركها للمشاهدين».
الفنان الإماراتي حمد الحمادي في العمل شخصية رجل بوجهين، فهو مدرس وقور ولديه نفوذ وسط تلاميذه، إلا أنه يستغل هذا النفوذ لتجنيد الطلاب في التنظيم السري، وغسل أدمغتهم، كما أنه يظهر عكس ما يبطن، حسب ما يروي لنا الحمادي، مشيراً إلى أنه يفضح ألاعيب «الإخوان المسلمين» من خلال دوره.
بالنسبة للممثل الإماراتي عبد الله المقبالي يعتبر هذا العمل الثاني مع المخرج أحمد المقلة، بعد مشاركته العام الماضي في «لو أني أعرف خاتمتي». يرى المقبالي أن تكرار التجربة أمر يبعث على الفرح، لما يتمتع به المقلة من إمكانات، مشيراً إلى أنه يظهر في «خيانة وطن» كشخصية محورية، يحتقره الجميع ولا يصدقونه في البداية، إلا أن هذا يدفعه للبحث عن أدلة لإدانة التنظيم السري لكونه أحد المعارضين له، ولأنه شخصية طيبة يخدع بسهولة.
وتقول الفنانة الكويتية شيخة البدر، إن دورها في المسلسل هو إحدى زعيمات ما يسمى «الأخوات المسلمات»، مشيرة إلى أنه عكس كل الأدوار التي كانت تظهر فيها، فهي أرادت أن تغير نمط شخصيتها المعروفة لدى الجمهور، فبعد كل عمل كانت تخرج وهي محبوبة من الجميع، إلا أنها هذه المرة تريد أن يكرهها الجميع. أما بالنسبة للممثلة هدى حمدان، فهي تجسد شخصية د.إيمان، وهي شخصية تتمتع بذكاء كبير، وقدرة على قراءة الأمور وتحليل الشخصيات. وتعتبر مشاركتها في العمل رسالة تقدير للإمارات.
حبيب غلوم: ندافع عن وطننا ومستقبل أبنائنا
إلى جانب أنه منتج العمل، يعتبر الفنان الإماراتي د.حبيب غلوم أحد أبرز وجوه المسلسل، وهو الأمر الذي يسميه بالشرفين: شرف المشاركة كممثل ومنتج في عمل الذود عن حياض الوطن، وشرف تدشين مرحلة الفن الذي لا ينفصل عن قضايا البلاد وهمومها.
يقول غلوم ل«الخليج»: من عنوانه «خيانة وطن»، تبدو فكرة العمل واضحة، ولنكون أكثر وضوحاً نحن نتحدث فيه عن تنظيم سياسي سري ظهر في فترة ما في الدولة، ووقف الجميع ضد هذا الفكر الدخيل على مجتمع الإمارات المتماسك بين القيادة والشعب، والآن لنا الشرف كفنانين، وأبناء بلد، بتقديم هذا العمل المختلف، الذي يتحدث عن واقع معاش في الدولة، وهي فترة عاشها الجميع، وتخوف منها وزالت بفضل ما تملكه دولتنا من تماسك، ما يهمني كمواطن إماراتي هو أن أعيش، بأمان وخير، وهو أمر متوفر للمواطنين والوافدين، ولا توجد دولة في الدنيا عدد الوافدين فيها أضعاف المواطنين.
ويضيف: «أعتقد أننا محسودون في التحام قيادتنا والشعب، كما أن حكومتنا مصدر إلهام، لذلك لا نتخوف، جميعنا (عيال زايد)، لذلك دعني أشكر «أبوظبي للإعلام» على هذه الثقة في أن نقدم شيئاً من واقعنا المجتمعي، أعمل في المجال منذ 37 سنة، قدمت خلالها الكثير، لكن هذا العمل مختلف، لأنه يتحدث عني بشكل مباشر، عن وطني ومستقبل أبنائي ».
ويتابع غلوم أنه لا يمكن أن يكشف عن التفصيلات الفنية للعمل، إلا أن الثيمة الرئيسية تبدو واضحة، وأنهم عالجوها برؤى فنية مختلفة بينهم كمنتجين ومخرجين، وهي معالجة تستند الى الخبرة الفنية والفكرية التي يتمتع بها الجميع.
يجسد غلوم دور إحدى الشخصيات القيادية في التنظيم، ويرفض أن يفصح ملامح شخصيته، حتى يتعرف اليها الجميع بمتابعة المسلسل، ويبين أنهم حاولوا الإخلاص لهذا العمل، حتى يتمكنوا من إيصال رسالتهم.
عبد الهادي الشيخ: تجسيد لرؤية إعلامية تنويرية
يؤكد عبدالهادي الشيخ، المدير التنفيذي لدائرة التلفزيون في «أبوظبي للإعلام»، أن تبنيها إنتاج العمل يعتبر جزءاً من مسؤوليتها تجاه المجتمع في تعزيز الوعي وإيصال الصورة الحقيقية للرأي العام تجاه القضايا التي تتعلق بالوطن، لاسيما معركته ضد الفكر الإرهابي الذي تمثله أجندة «الإخوان». وأضاف «سارعنا عبر منصاتنا الإعلامية التقليدية والرقمية المختلفة إلى تقديم فهم أعمق لحقيقة التنظيم السري، وطبيعة الدور التخريبي في أجندة عملهم، وسبل مواجهتها بتكريس محاربة الفكر المتطرف، وبالتأكيد على أصالة هذا الوطن وسمو رسالته الإنسانية ونبلها». ولفت إلى أن ما بدأته «أبوظبي للإعلام» في هذا السياق تستكمله عبر الدراما التي تأتي تجسيداً لرؤية إعلامية تأخذ في اعتبارها أهمية الدور التنويري الذي باتت تنهض به ودورها المؤثر في تكوين اتجاهات الرأي العام.
أحمد المقلة: العمل يمثل وجهة نظرنا
يقول مخرج «خيانة وطن» أحمد المقلة: إنهم بدؤوا التصوير منذ ما يربو على 70 يوماً، مشيراً إلى أنه عمل وطني يطرحون من خلاله وجهة نظرهم كفنانين وطنيين في قضية التنظيم السري ويدافعون به عن وطن ومقدراته وإرثه وشعبه.
ويضيف أن العمل يعبر عن وجهة نظرهم في التنظيم، مبيناً أن أكثر الأشياء صعوبة في العمل هو أن تكون محايداً في طرح الموضوع ولا تظلم أحداً، وهو ما عملوا عليه طوال فترة الإنتاج.
ويعرب المقلة عن شكره للدعم المستمر الذي وجده من طاقم العمل، مشيراً إلى أنه لم تكن هنالك صعوبات أخرى غير التي تواجه المخرجين في أي عمل، على الرغم من حساسية موضوع المسلسل. وآثر أن يكتفي بهذا القدر من الحديث تاركاً المجال للعمل لكي يتحدث عن نفسه في رمضان.
دبي:مصعب شريف
تدخل الدراما الإماراتية منعطفاً تاريخياً جديداً، في رمضان، وهي تتصدى
لأول مرة لقضية وطنية سياسية، عبر مسلسل «خيانة وطن من رواية ريتاج» الذي
تنتجه «أبوظبي للإعلام»، والمأخوذ من رواية «ريتاج»، للروائي حمد الحمادي.المسلسل يعتبر العمل الوطني السياسي الأول في تاريخ الدراما الإماراتية، لكونه يعالج أحداثاً حقيقية، وحساسة عاصرها مجتمع الإمارات لسنوات. ويكشف العمل خفايا «التنظيم السري» ل «الإخوان المسلمين»، ويبين تاريخهم، كما يغوص عميقاً في حياة أعضائه الاجتماعية، مبيناً وطأة الأفكار الهدامة التي يحملونها على محيطهم الاجتماعي، بمشاركة مجموعة من نجوم الدراما الإماراتية. «الخليج»تجولت في كواليس العمل خلال تصوير بعض مشاهده في دبي، واستمعت إلى النجوم المشاركين فيه.
بعد أيام قليلة ومع مقدم رمضان ، سيكون بإمكان مشاهدي شبكة قنوات تلفزيون أبوظبي مشاهدة العمل الدرامي الإماراتي الأول من نوعه الذي يتحدث عن السياسة ويناقش الأفكار المختلفة، لتدخل الدراما والفنون معها ب«خيانة وطن»، مرحلة جديدة عنوانها «الدفاع عن الوطن».
الفنانون هنا يقاتلون بطريقتهم وعلى جبهتهم الفنية عبر فضح ودرء أخطار هذا التنظيم الإخواني، الذي لا يكترث لمفاهيم الوطنية وقيمها، ففي أخيلة أعضائه المتهالكة، تختفي فكرة الوطن، ليحل مكانها هلام من عند أنفسهم يدفعهم لتخريب الأوطان وتدميرها.
كواليس العمل ومواقع تصويره تشبه ساحات للبذل، كل يحاول أن يرد جزءاً قليلاً من دين الوطن المستحق عبر التصدي لهذا الخطر الكبير وكشف الأسرار الخفيّة لطبيعة أخطر وأقدم التنظيمات السياسية، وهو تنظيم «الإخوان المسلمون». هنا تغدو الدراما في المواجهة مباشرة مع الفكر الإرهابي، وبينما يتسلح الفنانون بحب الوطن، وإرثه وقيمه الإنسانية المتوارثة من جيل إلى آخر، في المقابل يحمل «الإخوان المسلمون»، في إديولوجيتهم للوطن، أفكاراً ومخططات موغلة في غرائبيتها، تبدأ بالمزحة السخيفة التي لطالما غسلت بها أدمغتهم، وهي فكرة ال«لاوطن» التي تجذرت لديهم للدرجة التي تجعلهم، يخططون لتدمير وطن لطالما سهر الأجداد وشاقوا في بنائه وإرساء دعائم حضارته، حتى أضحى إحدى علامات التطور والتقدم والرفاهية. ولا تقتصر فكرة ال «لاوطن» التي تعشعش بغوغائية في أذهان «الإخوان المسلمين»، عند هذه النقطة، لتتعداها إلى المخططات الدنيئة والأساليب القذرة التي يكشفها المسلسل بخطوطه الدرامية المختلفة. العمل في الأساس ينهض على رواية «ريتاج» للكاتب الدكتور حمد الحمادي، التي حققت انتشاراً كبيراً، وهي تروي قصة ابنة أحد منتسبي التنظيمات السرية، التي تكتشف لاحقاً بأنها كانت الورقة التي ضلل بها والدها الأجهزة الأمنية، وكانت ضحية لمكائده بدءاً من ادعائه بموت أمها، رغم أنها لم تزل حية، ومروراً بتهديدها بتسليم حبيبها سالم إلى الأجهزة الأمنية وصولاً إلى إرغامها على الزواج كرهاً للتخلص من مسؤوليتها، الأمر الذي يضعها في الضفة المقابلة والمناقضة لضفة الأب الخائن لبلده وأسرته، فتتخذ قرارها بمواجهته.
«خيانة وطن، من رواية ريتاج»، يعري فكرة «الإخوان»، ويفند أفكارهم واحدة تلو الأخرى، وهو الأمر الذي بدأ جلياً في المشاهد التي حضرنا تصويرها أثناء جولتنا الميدانية مع فريق العمل. وعلى الرغم من المباشرة في توصيف العمل، إلا أن أحداثه غنية بالحبكة الفنية التي تنأى به عن فجاجة الهتاف المباشر.
المسلسل من إخراج أحمد يعقوب المقلة، وتأليف إسماعيل عبد الله، ويجسد الشخصيات الرئيسية فيه نخبة من نجوم الدراما الإماراتية والخليجية يتقدمهم حبيب غلوم، وسميرة أحمد، وهيفاء حسين، وجاسم النبهان وفاطمة الحوسني، ومرعي الحليان، ولطيفة المجرن، وهدى حمدان، وعبد الله بهمن وآخرون.
«أبو مصعب يمثل أحد النماذج الموجودة، وهو مثال للشخص الذي يخون وطنه ويخلص في هذه الخيانة». خرجت هذه العبارات بأسى كبير من الفنان الإماراتي المعروف مرعي الحليان، وهو يصف دوره في المسلسل، مشيراً إلى أنه يجسد شخصية «أبو مصعب»، أحد أعضاء التنظيم، وهو مدير مدرسة حاد الطباع، كما أن له أراء متطرفة وتوجهات سالبة. جاهد الحليان نفسه كثيراً ليتمكن من تجسيد الدور، قرأ الكثير عن التنظيم السري، لمعرفة المنتمين إليه جيداً، ليبدأ في تصوير مشاهده مع فريق العمل. ويرى الحليان أن العمل من الأهمية بمكان لكونه يمنح الدراما الإماراتية صوتاً قوياً في مواجهة التطرف والإرهاب، ويتوقع أن يحقق نجاحاً كبيراً نظراً للجرأة التي يطرح بها القضايا وطرق المعالجة الدرامية المختلفة. ويعد الحليان المشاهدين بالكثير من المفاجآت.
في الكواليس تبدو «ريتاج» بطلة العمل، التي تؤدي دورها هيفاء حسين، متحفظة تماماً عن الكشف عن تفاصيل دورها، فهي لا تريد أن تحرق الأحداث، كما أن التفاصيل يمكن أن تفسد المشاهدة، إلا أنها تقول:«يمكن أن أقول بشكل عام إننا نعمل على تبيين تاريخ التنظيم وأهدافه. أما بالنسبة لريتاج، فهي بعيدة عن التنظيم، لكن قريبة منه في نفس الوقت، إن كل أفراد أسرتها أعضاء فيه، وهنالك في هذا السياق صراعات الشابة المطلقة التي لا تتجاوز ال36 عاماً مع والدها، الذي يحاول إجبارها على الزواج ويهددها، كما أن ريتاج تعتبر صاحبة مبدأ عاقلة، ولا يمكن أن تتنازل عن مبادئها من أجل أي شئ». وتتابع حسين، مشيرة إلى أنه عمل وطني سياسي، معقد وصعب، وترى أنه لا جديد بالنسبة لها في الدور فقد أدت أدواراً مثله، إلا أن الجديد في الأمر يتمثل في الأجواء الغريبة التي تحيط بالشخصية، الأمر الذي جعلها تشتبك بحالات مخيفة، فعلى الرغم من أداء حسين لأدوار حزينة كثيرة، إلا أن «ريتاج» وحدها التي خلّفت جروحاً داخلها، عايشت تسلسل الاكتئاب والحزن في شخصية «ريتاج» بمختلف مراحلها، الأمر الذي يؤثر بشكل إيجابي في الدور إلا أنه كان مرهقاً كما تصفه.
فجأة وجد الفنان الإماراتي عبد الله الجنيبي نفسه مجبراً على ترديد عبارات تسيئ لوطنه، الأمر الذي كان وقعه عليه صعباً للغاية، فهو يجسد شخصية «بدر أبو ياسر»، أحد قادة تنظيم «الإخوان المسلمين» في العمل. يبدي الجنيبي دهشته من هؤلاء الذين يمكن أن يمتلكوا جرأة الانضمام لمثل هذه التنظيمات الإرهابية وخيانة أوطانهم، فإذا لم يكن بمقدوره أن يخون وطنه في التمثيل، كيف يجرؤ آخرون على خيانته في الحقيقة. بهذه الدهشة يروي الجنيبي قصة معاناته مع الدور، مشيراً إلى أن العبارات الموجودة في النص كانت صعبة جداً عليه وعلى زملائه الممثلين «فليس هنالك أسوأ من أن تنطق بما يسيئ لوطنك»، إلا أن حتمية دخول المعركة جعلتهم يؤدون أدوارهم حتى يخرج العمل قوياً.
يعرب الممثل الإماراتي عبد الله الحريبي عن سعادته بالمشاركة في المسلسل، مشيراً إلى أنه مكتوب على أساس أن كل شخوصه أبطال.
يجسد الحريبي شخصية «ياسر»،أحد أبناء الأسر السياسية، وعلى الرغم من بعده عن أفرادها، يتسبب في الكثير من المشكلات له ولأسرته لتكون نهايته مأساوية تماماً.
يوصل الحريبي رسائل متعددة من خلال دوره، ويرى أن مشاركته تمثل تأكيداً على حبه لوطنه، متوقعاً أن الجرأة التي تميز العمل ستجعله في مقدمة أعمال دراما رمضان.
وفي ذات الاتجاه يمضي زميله الفنان الشاب خليفة البحري، مشيراً إلى أنه يجسد دوراً له خط درامي مختلف في المسلسل، فهو«مدمن» بعيد عن السياسة، يكرس حياته للإدمان ويجذب الكثيرين لطريقه، ولكنه لا يستطيع التكملة.
يعرب البحري عن سعادته بالمشاركة في العمل الذي يعتبره نقلة كبيرة في الدراما الإماراتية، متمنياً أن يتمكنوا من إيصال الرسالة، كما يتخوف من أن يكرهه الناس بسبب دوره الذي يؤكد أنه لا يمت بصلة لحياته الحقيقية.
أما النجم الشاب إبراهيم المشرف فيقول: «تجربتي مختلفة تماماً وهو أول عمل لي مع د. حبيب غلوم، وأؤدي دور ماجد، وهو دور لم أتوقعه، لأن الشخصية غريبة جداً، وهو دور متعب، ولي دخل بموضوع التنظيم لكنه طفيف، لا أريد أن أفصح أكثر عن تفاصيل الشخصية وأتركها للمشاهدين».
الفنان الإماراتي حمد الحمادي في العمل شخصية رجل بوجهين، فهو مدرس وقور ولديه نفوذ وسط تلاميذه، إلا أنه يستغل هذا النفوذ لتجنيد الطلاب في التنظيم السري، وغسل أدمغتهم، كما أنه يظهر عكس ما يبطن، حسب ما يروي لنا الحمادي، مشيراً إلى أنه يفضح ألاعيب «الإخوان المسلمين» من خلال دوره.
بالنسبة للممثل الإماراتي عبد الله المقبالي يعتبر هذا العمل الثاني مع المخرج أحمد المقلة، بعد مشاركته العام الماضي في «لو أني أعرف خاتمتي». يرى المقبالي أن تكرار التجربة أمر يبعث على الفرح، لما يتمتع به المقلة من إمكانات، مشيراً إلى أنه يظهر في «خيانة وطن» كشخصية محورية، يحتقره الجميع ولا يصدقونه في البداية، إلا أن هذا يدفعه للبحث عن أدلة لإدانة التنظيم السري لكونه أحد المعارضين له، ولأنه شخصية طيبة يخدع بسهولة.
وتقول الفنانة الكويتية شيخة البدر، إن دورها في المسلسل هو إحدى زعيمات ما يسمى «الأخوات المسلمات»، مشيرة إلى أنه عكس كل الأدوار التي كانت تظهر فيها، فهي أرادت أن تغير نمط شخصيتها المعروفة لدى الجمهور، فبعد كل عمل كانت تخرج وهي محبوبة من الجميع، إلا أنها هذه المرة تريد أن يكرهها الجميع. أما بالنسبة للممثلة هدى حمدان، فهي تجسد شخصية د.إيمان، وهي شخصية تتمتع بذكاء كبير، وقدرة على قراءة الأمور وتحليل الشخصيات. وتعتبر مشاركتها في العمل رسالة تقدير للإمارات.
حبيب غلوم: ندافع عن وطننا ومستقبل أبنائنا
إلى جانب أنه منتج العمل، يعتبر الفنان الإماراتي د.حبيب غلوم أحد أبرز وجوه المسلسل، وهو الأمر الذي يسميه بالشرفين: شرف المشاركة كممثل ومنتج في عمل الذود عن حياض الوطن، وشرف تدشين مرحلة الفن الذي لا ينفصل عن قضايا البلاد وهمومها.
يقول غلوم ل«الخليج»: من عنوانه «خيانة وطن»، تبدو فكرة العمل واضحة، ولنكون أكثر وضوحاً نحن نتحدث فيه عن تنظيم سياسي سري ظهر في فترة ما في الدولة، ووقف الجميع ضد هذا الفكر الدخيل على مجتمع الإمارات المتماسك بين القيادة والشعب، والآن لنا الشرف كفنانين، وأبناء بلد، بتقديم هذا العمل المختلف، الذي يتحدث عن واقع معاش في الدولة، وهي فترة عاشها الجميع، وتخوف منها وزالت بفضل ما تملكه دولتنا من تماسك، ما يهمني كمواطن إماراتي هو أن أعيش، بأمان وخير، وهو أمر متوفر للمواطنين والوافدين، ولا توجد دولة في الدنيا عدد الوافدين فيها أضعاف المواطنين.
ويضيف: «أعتقد أننا محسودون في التحام قيادتنا والشعب، كما أن حكومتنا مصدر إلهام، لذلك لا نتخوف، جميعنا (عيال زايد)، لذلك دعني أشكر «أبوظبي للإعلام» على هذه الثقة في أن نقدم شيئاً من واقعنا المجتمعي، أعمل في المجال منذ 37 سنة، قدمت خلالها الكثير، لكن هذا العمل مختلف، لأنه يتحدث عني بشكل مباشر، عن وطني ومستقبل أبنائي ».
ويتابع غلوم أنه لا يمكن أن يكشف عن التفصيلات الفنية للعمل، إلا أن الثيمة الرئيسية تبدو واضحة، وأنهم عالجوها برؤى فنية مختلفة بينهم كمنتجين ومخرجين، وهي معالجة تستند الى الخبرة الفنية والفكرية التي يتمتع بها الجميع.
يجسد غلوم دور إحدى الشخصيات القيادية في التنظيم، ويرفض أن يفصح ملامح شخصيته، حتى يتعرف اليها الجميع بمتابعة المسلسل، ويبين أنهم حاولوا الإخلاص لهذا العمل، حتى يتمكنوا من إيصال رسالتهم.
عبد الهادي الشيخ: تجسيد لرؤية إعلامية تنويرية
يؤكد عبدالهادي الشيخ، المدير التنفيذي لدائرة التلفزيون في «أبوظبي للإعلام»، أن تبنيها إنتاج العمل يعتبر جزءاً من مسؤوليتها تجاه المجتمع في تعزيز الوعي وإيصال الصورة الحقيقية للرأي العام تجاه القضايا التي تتعلق بالوطن، لاسيما معركته ضد الفكر الإرهابي الذي تمثله أجندة «الإخوان». وأضاف «سارعنا عبر منصاتنا الإعلامية التقليدية والرقمية المختلفة إلى تقديم فهم أعمق لحقيقة التنظيم السري، وطبيعة الدور التخريبي في أجندة عملهم، وسبل مواجهتها بتكريس محاربة الفكر المتطرف، وبالتأكيد على أصالة هذا الوطن وسمو رسالته الإنسانية ونبلها». ولفت إلى أن ما بدأته «أبوظبي للإعلام» في هذا السياق تستكمله عبر الدراما التي تأتي تجسيداً لرؤية إعلامية تأخذ في اعتبارها أهمية الدور التنويري الذي باتت تنهض به ودورها المؤثر في تكوين اتجاهات الرأي العام.
أحمد المقلة: العمل يمثل وجهة نظرنا
يقول مخرج «خيانة وطن» أحمد المقلة: إنهم بدؤوا التصوير منذ ما يربو على 70 يوماً، مشيراً إلى أنه عمل وطني يطرحون من خلاله وجهة نظرهم كفنانين وطنيين في قضية التنظيم السري ويدافعون به عن وطن ومقدراته وإرثه وشعبه.
ويضيف أن العمل يعبر عن وجهة نظرهم في التنظيم، مبيناً أن أكثر الأشياء صعوبة في العمل هو أن تكون محايداً في طرح الموضوع ولا تظلم أحداً، وهو ما عملوا عليه طوال فترة الإنتاج.
ويعرب المقلة عن شكره للدعم المستمر الذي وجده من طاقم العمل، مشيراً إلى أنه لم تكن هنالك صعوبات أخرى غير التي تواجه المخرجين في أي عمل، على الرغم من حساسية موضوع المسلسل. وآثر أن يكتفي بهذا القدر من الحديث تاركاً المجال للعمل لكي يتحدث عن نفسه في رمضان.
- See more at: http://www.alkhaleej.ae/alkhaleej/page/cc144204-836c-4d84-be4a-bdcdbc80852f#sthash.3uZOu2rt.dpuf
إرسال تعليق
جميع الردود تعبر عن رأي كاتبيها فقط ، وحرية النقد متاحة لجميع الأعضاء والقراء والقارئات الكرام بشرط ان لايكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من العبارات البذيئة وتذكر قول الله تعالى " مايلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد" صدق الله العظيم