0

 
 
الملك سلمان أثناء زيارته للهند عام 2010


حينما نتحدث عن سياسيٍ محنك أو دبلوماسيٍ خبير, فإن بوصلة الحديث ستتجه مباشرةً إلى المهام و المناصب و الإنجازات , و لو أردنا الحديث عن وقت ذلك العظيم لما وجدنا غير جداول الأعمال و مواعيد اللقاءات , لكن سلمان الخير مختلف , فبرغم كونه أبرز زائر لدولة الهند عام 2010 إلا أنه أوجد وقت لزيارة المدرسة السعودية في نيودلهي و اللافت  للنظر في تلك الزيارة أنها لم تتركز على إدارة المدرسة و طاقمها الإداري ولا حتى طلابها في مراحل التعليم الثلاث بل تجاوزت ذلك لتجد متسعاً - من وقتٍ ضيقٍ أصلا- لزيارة طلاب الروضة !!

نعم طلاب ما دون سن التكليف بل و التعليم أيضا , أذكر أن المقرر في تلك الزيارة هو أن يزور خادم الحرمين الشريفين معمل الريبورت و هو ما تنبهنا له و أردناه , غير أن عين الأب الحاني رمقت دون معلِمنا_- رمقت - أملَنا فشاهدت عيون أطفالٍ صغار تموج بها أعلام الوطن , فكسر رتابة ترتيبنا و أقبل على حجرة الصغار المجاورة لمعمل الريبورت .

دخل الزائر الكبير و أعناق الأطفال مشرئبة و أصواتهم صاخبة و فرحتهم غامرة , فهذا الرجل الذي حدثهم عنه أبائهم  و معلميهم يدخل روضتهم , و لكم أن تتخيلوا مشاعر الأطفال و هم يشاهدون سفيراً و أميراً و مسؤولاً و عدداُ كبيراً من رجال الأمن و الإعلام يحيطون بالملك يسابقون خطواتهم و نظراتهم حمايةً و تدويناً لكل تفاصيل زيارته فإذا به ينصرف لأحد هؤلاء الصغار يلاطفه و يمازحه , فيتأمل لباسه الهندي و يسأله باستفهامٍ– و هو يعلم الجواب - : أنت هندي ؟ فيجيب الصغير بكل براءة و بصوت مسموع : لا ..فيعاود الملك سؤاله للمرة الثانية بلهجة تشبه الاستغراب: أنت سعودي ؟ فيختلط الأمر على الصغير و تثيره لهجة الاستغراب فيقول : لا !! فيكرر الأب الحاني السؤال بلهجة أبوية  حميمة : أجل من وين أنت ؟ فيجيب ولدي باسم القبيلة ظناً منه أنه يسأله عما ينتهي إليه اسمه , فيضحك له الملك و يدنو منه ويحمله إليه و يقبله و يثني عليه , ثم يٌطيب الملك نفوس الصغار بالسلام عليهم و تقبيلهم  كما فعل مع زميلهم .

 لم تكن القبلة لولدي معاذ فحسب بل كانت على جبين الطفولة كلها .. و لم تكن الزيارة لروضة مدرسة واحدة فحسب بل كانت لرياض الوطن كلها , و لم يكن الحوار و السماحة لطفلٍ بعينه بل كانت لجيلٍ بأكمله .

أي رسالةً أراد الملك أن يوصلها لنا ؟! فلئن كانت نظرتنا لزيارته للمدرسة على أنها رؤية للمستقبل , فإن زيارته لرياض الأطفال كانت رؤية لما وراء المستقبل , و لقد كان حواره و طول نفسه مع الصغير رسالةً منه لنا أراد أن نقرأها و ندرك مضامينها لنستمع لهذا الجيل بكل مشاعرنا و نحاوره بكل حواسنا.

كان الاستغراب قد نال مني مبلغه , ولكنه زال حين تأملت شخصية الملك و أدركت أن الطفولة هي أحد اهتماماته , كيف لا , وهو مؤسس جمعية إنسان للأطفال الأيتام  و هو كذلك الرئيس الفخري لجمعية الأطفال المعوقين , لذا فليطمئن الوطن على مستقبله وليدرك أن عيناً حانيةً ترقب أبناءه .

إرسال تعليق

جميع الردود تعبر عن رأي كاتبيها فقط ، وحرية النقد متاحة لجميع الأعضاء والقراء والقارئات الكرام بشرط ان لايكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من العبارات البذيئة وتذكر قول الله تعالى " مايلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد" صدق الله العظيم


 
الى الاعلى