0
#شبكة_زوايا_الإخبارية ( الشعوب في #رمضان   - يعدها اليوم / محمد نواز :





عند التأكد من رؤية الهلال يذهب الباكستانيون إلى الأسواق لشراء لوازم السحور، وبعد تأديتهم صلاة العشاء يعودون إلى منازلهم
وينامون، وقبل السحور بساعتين يصحو الجميع من نومهم على أصوات قارعي الطبول ومُردِّدي الأهازيج الدينية، وعلى أصوات تشبه الأصوات الحادَّة التي تُصدرها سيارات الإسعاف والإطفاء التي تدور خصيصًا لإيقاظ النائمين وينصرفون إلى تناول السحور، وبعد تناول الطعام تتم تأدية صلاة الفجر ثم النوم قليلاً قبل الذهاب المبكر لأعمالهم.

موائد الرحمن
يتميز شهر رمضان في باكستان بإقامة موائد الرحمن في مواقف الحافلات، ففي المدن الكبيرة مثل كراتشي ولاهور ينظِّم أصحاب المحال والقاطنون في المنطقة إفطارًا كبيرًا عند مواقف الحافلات من أجل المسافرين وسائقي الحافلات، الذين لا يستطيعون الذهاب لبيوتهم في هذا الوقت لتناول الإفطار.
وتجتمع الأُسَر المقيمة في منزل واحد على مائدة واحدة في احتفالية كبيرة تزيد من الروابط الاجتماعية بين أفراد العائلة، ومن جهتها تنظم بعض الجمعيات الدينية والجماعات الشبابية موائد الرحمن في محطات السيارات العامة.
كما يتم ترتيب حفلات إفطار جماعية لطلبة المدارس والجامعات مع زملائهم وأساتذتهم، وكذا لأصحاب المهن المختلفة، وتزداد حفلات الإفطار العائلية التي تجمع عددًا من الأسر، وكذلك ينظم السياسيون من الأحزاب المختلفة حفلات إفطار للعاملين في أحزابهم وللصحفيين ولرؤساء الأحزاب الأخرى، وذلك للتعبير عن مشاعر الأخوَّة في شهر رمضان.
وتخصص وزارة المالية ميزانيةً لكل وزارة أو هيئة حكومية لتنظيم حفل إفطار جماعي للعاملين بها، وتتواصل هذه الحفلات على مدار الشهر وتخصص لها ملايين الروبيات.
ويعد الإفطار الذي يقيمه رئيس البلاد بمقر الرئاسة أرقى حفل إفطار جماعي، ويدعو إليه المئات من الضيوف، ما بين المسئولين بالدولة والسياسيين رفيعي المستوى والدبلوماسيين، ويتلقَّى البرلمان الباكستاني نصيبه من موازنة الإفطار الجماعي، وإذا وافقت الدورة البرلمانية شهر رمضان تقام مائدة إفطار يومية بالبرلمان للنواب.

وتقام كل هذه الاحتفاليات بشكل منتظم رغم تخفيض ميزانية الإفطار الجماعي إلى النصف، ورغم أن الإفطار على حساب الحكومة محظور في بعض المؤسسات الحكومية، فإن الحكومة لا تزال تنفق ملايين الروبيات على هذا البند.

إغلاق المطاعم
يتم إغلاق المطاعم، والفنادق الصغيرة في كراتشي ولاهور، وإسلام آباد، وفيصل آباد، والمدن الباكستانية الأخرى في ساعات
وخلال الليل تبقى المقاهي ومحال الألبان والخبز مفتوحةً، ولا تُغلق أبوابها حتى صلاة الفجر، وتذهب مجموعات الشباب إلى هذه الأماكن للسحور والترفيه، ويفضِّل الكثيرون في مدينة كراشي الساحلية تناول السحور في المطاعم الواقعة على البحر؛ حيث يسهرون طوال الليل ثم يعودون إلى بيوتهم مع مطلع الفجر.
وتتغير مواعيد العمل في شهر رمضان؛ حيث تبدأ من 8 صباحًا إلى 3 مساءً، وذلك بدلاً من 9 إلى 5 مساءً في غير رمضان، وتسري تلك المواعيد على المدارس والجامعات، وتزدحم الشوارع الرئيسية في كافة المدن خلال الفترة من 3 عصرًا وحتى أذان المغرب، بصفوف السيارات، ويضطر الكثير لتناول الإفطار في سياراتهم أو على موائد الرحمن.
الصيام قبل الإفطار، ومن يخرق هذا الحظر يعرِّض نفسه لدفع غرامات، ويتم غلق الكافيتريات في الجامعات الباكستانية مثل جامعة كراتشي، وجامعة قويض عزام بإسلام آباد، وجامعة بنجاب في لاهور. ويتم استثناء الفنادق الفاخرة "الخمسة نجوم" من هذا الحظر؛ لأن أغلبية زبائنهم من الأجانب غير المسلمين.

صلاة التراويح
ويصلي الباكستانيون صلاة التراويح عشرين ركعة يختمون فيها القرآن، الذي تكون ختمته ليلة السابع والعشرين؛ على اعتبار أنها ليلة القدر، وتقام احتفالات خاصة في هذه الليلة، يحضرها أهل الحارة والقرية جميعًا، وتكون بمثابة احتفالية خاصة بالقرآن الكريم وعلومه؛ حيث يتحدث الخطباء عن القرآن الكريم وعظمته ويتعرضون لكل المواضيع المرتبطة به، وتنتهي هذه الاحتفالات بتوزيع الحلوى على جميع الحضور.
ظهرت عادة جديدة خلال الأعوام الأخيرة، وهي الترتيب لصلاة تراويح خاصة بالنساء فقط، في واحد من أكبر المساجد في المنطقة، أو في بيت من بيوت الشخصيات المرموقة في كل منطقة، وكذلك إقبال النساء على الاعتكاف، سواءٌ كان ذلك في مصلى البيت أو في بعض المساجد الخاصة بهن.

العشر الأواخر
أما في العشر الأواخر من رمضان فتمتلئ المساجد بروادها ليل نهار؛ حيث يُتلى القرآن، وتُلقى الدروس الدينية، وتمتدُّ صفوف المصلين إلى خارج المساجد وتغلق لها الطرق، وتعطَّل حركة المرور ويحرص الباكستانيون على أداء صلاة المغرب جماعةً في المسجد قبل الإفطار، ومن الوجبات الرمضانية المفضلة الأرز واللحوم إلى جانب التمر.

استمارة اعتكاف
ويطلب المنظِّمون لعملية الاعتكاف أن يملأ كل معتكف استمارة خاصة، تشتمل على المعلومات الخاصة به، ويرفق بها صورة لبطاقته الشخصية؛ وذلك نظرًا للظروف الأمنية غير المستقرة، وهذا الإقبال من الباكستانيين على العبادات في رمضان وفي ظل هذه الظروف غير المستقرة يدلُّ على أن الإسلام متجذرٌ في المجتمع الباكستاني، وأن الالتزام بالإسلام سمة جماهير هذا الشعب المحب لدينه.
وتختلف ترتيبات الاعتكاف من مسجد لآخر، فتتم الترتيبات للاعتكاف في بعض المساجد من قِبَل بعض الجمعيات الدينية والمؤسسات الاجتماعية، وتُرَتَّب أمور الاعتكاف في بعض المساجد الأخرى من قبل اللجان الشعبية المشرفة على المساجد، وتُرَتَّب في بعض المساجد جداول للدروس والمحاضرات اليومية للمعتكفين وتكون المحاضرات والدروس في الغالب عن الموضوعات الدينية، فيستفيد المعتكف في جانب الثقافة الدينية إلى جانب الغذاء الروحي.


تحظى الليالي الثلاث الأخيرة من شهر رمضان المبارك باهتمام خاص من الباكستانيين؛ حيث يتم ختم القرآن الكريم كاملاً خلالها في صلاة القيام في محفل يطلق الباكستانيون عليه اسم "محفل شبينة"، والذي يكون بمثابة حفل وداع للشهر الكريم.
ويتم تنظيم "محافل شبينة" في الغالب في المساجد المركزية والكبيرة بأنحاء باكستان، وتهتم وسائل الإعلام الرسمية من إذاعة وتليفزيون بهذه المحافل؛ حيث تبث بعضها من المساجد مباشرةً، ويتم بث الحفل الرئيسي الذي يُعقد في مسجد "الملك فيصل" في إسلام آباد كاملاً من المسجد مباشرةً في كل عام، بينما يكتفي التليفزيون ببث لقطات من المحافل المنعقدة في عواصم أقاليم كراتشي وكويتا ولاهور وبيشاور.
وتُجري بعض المساجد الكبرى مسابقة خاصةً في حفظ القرآن الكريم في كل عام لاختيار 30 من حفظة ومجوِّدي القرآن الكريم للمشاركة في "محفل شبينة"، ويقوم كل واحد من الفائزين بقراءة جزء واحد يؤم به الناس في ركعتين من صلاة التراويح، بمعدل عشرة أجزاء في الليلة الواحدة؛ بحيث يتم اختتام القرآن في صلاة القيام في آخر ليلة من الليالي العشر الأخيرة.
وتحظى "محافل شبينة" باهتمام كبير من جانب الشعب الباكستاني؛ حيث يتم تجميل المساجد التي تقام فيها وتزويدها بالمصابيح الملونة، وتشهد المساجد إقبالاً شديدًا على المشاركة بهذه المحافل؛ حيث يحاول البعض إدراك ما فاته طوال الشهر الكريم.
ونظرًا للتزاحم الشديد من جانب المصلين وبقائهم طوال الليالي الثلاث في المسجد من صلاة العشاء إلى صلاة الفجر، تنصب بعض الأسواق المؤقتة خارج المساجد ليشتري الناس منها حوائجهم.

العيد
وفي ليلة العيد يقوم البعض بتوزيع الحلويات بين الناس ابتهاجًا بقدوم العيد، كما أن الأسواق تبقى مفتوحةً طوال الأربع والعشرين ساعةً؛ لتلبية طلبات الناس الذين يقبلون عليها لشراء لوازم العيد، وقبل صلاة العيد يلبس أهالي باكستان ملابسهم الجديد ويتجهون إلى الساحة الشعبية؛ ليؤدوا صلاة العيد، وعند مقابلة الباكستاني في صلاة العيد لأخيه المسلم يحتضنه ويقبله ثلاث مرات على كتفيه، ويبادله الآخر هذه القبلات، كما يهنئون بعضهم بتبادل الزيارات.
وتظهر الكثير من الوظائف المؤقتة في شهر رمضان، وتعادل أرباح البائعين في هذا الشهر بمفرده ما يحققونه من أرباح خلال العام كله. وتنتشر في باكستان "أسواق الجُمُعة"؛ حيث يأتيها الناس من مُختَلَف الأحياء لشراء حاجاتهم المختلفة بأسعار مُخفَّضَة، وينتشر في رمضان باعة "البكولة" وهي قطع صغيرة من العجين محشوة بلحم صغير وبصل محمر في الزيت، وتُعتبَر وجبةً رئيسيةً في رمضان بجانبها شراب "روح آفزا" وهو يُستخرَج من النباتات والأعشاب.
ومن المعتاد أن ترى محلات الملابس ومحلات التفصيل مكتظةً بالزبائن منذ بداية شهر رمضان وحتى نهايته استعدادًا لعيد الفطر، فشراء مستلزمات العيد يبدأ من أول رمضان.

إرسال تعليق

جميع الردود تعبر عن رأي كاتبيها فقط ، وحرية النقد متاحة لجميع الأعضاء والقراء والقارئات الكرام بشرط ان لايكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من العبارات البذيئة وتذكر قول الله تعالى " مايلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد" صدق الله العظيم


 
الى الاعلى