يا هذا أنت اليوم رأسٌ:
الأتباع
ينظرون إلى الداعية نظرة دقيقة فاحصة دون أن يعلم،فربَّ عمل يقوم به لا
يلقي له بالًا يكون في حسابهم من الكبائر،وذلك أنهم يعدونه قدوة لهم،ولكي
ندرك خطورة ذلك الأمر فلنتأمل هذه القصة.
يروى أن أبا جعفر الأنباري صاحب الِإمام أحمد عندما أُخبر بحمل الإِمام أحمد للمأمون في الأيام الأولى للفتنة.
عبر
الفرات إليه فإذا هو جالس في الخان،فسلم عليه،وقال:يا هذا أنت اليوم رأسٌ
والناس يقتدون بك،فوالله لئن أجبتَ إلى خلق القرآن ليجيبنَّ بإجابتك خلق من
خلق الله،وإن أنت لم تجب ليمتنعنَّ خلق من الناس كثير،ومع هذا فإن الرجل-
يعني المأمون- إن لم يقتلك فأنت تموت،ولا بد من الموت فاتق الله ولا تجبهم
إلى شيء.فجعل أحمد يبكي ويقول:ما قلت؟فأعاد عليه فجعل يقول:ما شاء الله،ما
شاء الله .وتمر الأيام عصيبة على الِإمام أحمد،ويمتحن فيها أشدّ الامتحان
ولم ينس نصيحة الأنباري،فها هو المروزي أحد أصحابه يدخل عليه أيام المحنة
ويقول له:"يا أستاذ قال الله تعالى:
{
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ
بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ
تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً}.
فقال
أحمد:يا مروزي اخرج،انظر أي شيء ترى !!! قال :فخرجتُ إلى رحبة دار الخليفة
فرأيت خلقًا من الناس لا يحصي عددهم إلا الله والصحف في أيديهم والأقلام
والمحابر في أذرعتهم،فقال لهم المروزي:أي شيء تعملون ؟ فقالوا:ننظر ما يقول
أحمد فنكتبه،قال المروزي:مكانكم فدخل إلى أحمد بن حنبل فقال له:رأيت قومًا
بأيديهم الصحف والأقلام ينتظرون ما تقول فيكتبونه فقال:يا مروزي أضل هؤلاء
كلهم !! أقتل نفسي ولا أضل هؤلاء".
إرسال تعليق
جميع الردود تعبر عن رأي كاتبيها فقط ، وحرية النقد متاحة لجميع الأعضاء والقراء والقارئات الكرام بشرط ان لايكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من العبارات البذيئة وتذكر قول الله تعالى " مايلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد" صدق الله العظيم