0



29‏/1‏/2017 12:51 ص
الثروة المهدوره إن الاستثمار البشري وتنمية العقول بالعلم والمعرفة من أعظم الاستثمارات على مستوى العالم و هو سر وجود الإنسان في هذا الكون وقيمتة الحقيقية في وقته الحاضر وتجعل منه صاحب رسالة سامية يستطيع من خلالها الوصول إلى مصاف الأمم العظيمة , بل هو الاستثمار الحقيقي للإنسانية وهو أساس تقدم الأمم وبه تعمّر وتبنى الأوطان وليس بتطوير آلة الحرب والدمار أو بتطوير الجيوش الضخمة فالتخلف يتناسب طردياً مع حب السيطرة بالقوة والتباهي بالانتصارات الوهمية التي تستنزف خيرات الشعوب وتجعل الحياة بلا قيمة . أن العقول الذكية والأفكار النيرة هي عصارة الشعوب وخلاصة الأمم وصفوة الإنسانية وهي دعائم النهضة الحضارية وركائز التنمية الإقتصادية والصناعية ومقومات التقدم والتطور والرفاهية الدول الغربية ودول جنوب شرق آسيا متقدمة وناهضة ومتفوقة علمياً وتكنولوجياً ويحسب لها كل حساب لم تتقدم وتتطور وتنهض إلا باستثمار العقول البشرية والإهتمام بالنفوس الأبية والإستفادة من الأفكار النيرة , رعتها واهتمت بها وحافظت عليها كالجواهر الثمينة والدُرر الغالية وأن بعض هذه الدول من فرط اهتمامها وشدة الإمعان في رعايتها أنشأت مؤسسات خاصة تستخدم آليات فاعلة لانتخاب واختيار واستيعاب هذه العقول منذ المراحل الدراسية الأولى حتى تصل الى المراحل العليا , ثم تهيئ لها البيئة الصالحة والمناخ الملائم في دور المختبرات العلمية ومراكز الأبحاث التقنية والتطبيقية فتتفرغ للملاحظة والاستقصاء والاختيار والتجربة فتفكر برؤية وتعلل وتستقصي وتنقب على مهل ثم تنظر وتجرب وتختبر ثم تكتشف وتخترع بتطوير البحث العلمي والاستفادة من البحوث العلمية والتجريبية التي أعدتها العقول في دول الغرب ودول أوروبا . فقد إنتبه الغرب والنمور الأسيوية لهذا الموضوع وأولوه جل اهتمامهم وبذلوا الغالي والنفيس من الأموال والدراسات واستغلال المواهب ودرسوا هذا الإنسان من جميع جوانبه واهتموا باستثمار العقول إهتماماً كبيراً جداً فصاحب الفكر والفكرة والاختراع مقدّس لديهم لا يمكن أن يفرطوا فيه بل ويُدعم ويحتوى من الأفراد والحكومات ورجال الأعمال فلقد اهتموا بشبابهم ودرسوا نفسياتهم فأشبعوها ولم يعد لدى الشاب فراغ لتوافه الأمور بل تجد كل واحد منهم لديه مشروع حياة يبدأ فيه مُنذ صغره ولا ينهيه حتى يُكمله بحثاً ودراسة ويقدمه للعالم بكل دقة وتنتفع الأمة من هذا الاختراع فاستثمروا العقل البشري خير استثمار وقدموا هذا الاستثمار على غيره من بقية الاستثمارات لأنهم آمنوا إيماناً كاملاً بأنهم إذا نجحوا في تسخير واستثمار العقول البشرية بالطريقة الصحيحة والمثالية فإنه حتماً ستكون بقية الاستثمارات ناجحة لا محاله فلم يعد النفط بالنسبة لهم هو الاستثمار الوحيد الذي يرتكز عليه اقتصاد هذه الدول . إذن اتضحت الرؤية وانجلى الأمر وأحطنا بسر تفوق هؤلاء وامتياز أولئك فمن الممكن حل هذه المعضلة , أعني التراجع عن التفوق الحضاري ومشكلة الانحطاط العلمي والمنهجي وعقدة الضعيف المنهزم. ولكن رغم وضوح الرؤية وانجلاء الأمر والإحاطة بسر تفوق الغرب فلا نستطيع أن ننهج نهجهم ونحذو حذوهم في هذا المجال إلا إذا أعدنا النظر وأمعنا التفكير في مشكلاتنا السياسية وأخضعناها للعدل الذي يزيل الفوارق الطبقية ويعالج التباين العرقي من العصبيات القبلية حتى يجد كل ذي حق حقه وتُتاح الفرص لهذه العقول الذكية والنفوس الأبية والأيادي المخلصة للإبداع والاتقان والكشف والاختراع . إذا أرادنا تقدم هذه الأمة ونهضة هذا الشعب ورفاهيته يجب علينا الأهتمام بالعقول البشرية وأن نولي العناية والرعاية للعلماء والباحثين وأن لا تقتصر هذه العناية والرعاية والاهتمام بتحفيز المتفوقين والمبرزين من الطلاب فحسب بل يجب أن ترتقي وتتطور إلى أساليب ومناهج أسمى وهي أن تبتكر الدولة آلية فاعلة أو مؤسسة علمية ناهضة تستوعب وتستقطب المتفوقين وتجمعهم في مراكز أبحاث علمية ودور المختبرات التجريبية على مختلف ألوانهم السياسية . إننا في عالمنا الإسلامي المترامي الأطراف نملك من المقومات البشرية والمادية ما لا يملكه غيرنا , لكننا وللأسف الشديد سخرنا طاقاتنا وإعلامنا وأقلامنا لقضايا لا تتقدم الأمة من أجلها قيد أنمله . يجب علينا كمؤتمنين على هذا المجتمع أن نسعى إلى تطويره من خلال استثمار العقول وخاصة لفئة الشباب والقضاء على الفراغ والبطالة والفقر ونجعل من بلادنا خلية نحل للجد والعمل ونسخر كل إمكاناتنا لمن يريد أن يستثمر عقله ببحث أو دراسة ترى النور للأمة . فإذا فعلنا ذلك وأصبح العقل البشري مقدس لدينا ومقدم على غيره استطعنا حفظ مجتمعاتنا من كل سوء واستطعنا تحصين شبابنا وفتياتنا من الفقر والانحراف الفكري والسلوكي , وبذلك سينعم مجتمعنا بالأمن والأمان ونصبح قادة للشرق والغرب ونخرج أجيالاً مفكرين متحصنين بالعلم والمعرفة .

إرسال تعليق

جميع الردود تعبر عن رأي كاتبيها فقط ، وحرية النقد متاحة لجميع الأعضاء والقراء والقارئات الكرام بشرط ان لايكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من العبارات البذيئة وتذكر قول الله تعالى " مايلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد" صدق الله العظيم


 
الى الاعلى