0


كتب / عمرو الحكمي:

 عنوان المقالة يعطي انطباعاً للقارئ بأن كاتبه (من المفتين الجدد) لكن , دعوني أخوض معكم تجربة مع أحد أصدقائي الأعزاء على قلبي الشاب سمير , حكى لي عن معاناته النفسية مع ذاته ومع أهله ومجتمعه .
لخص حواره معي في جملة واحدة  "  إن مرضى السكري ذا النوع الأول بشكل عام يجب ألّا يصوموا !ّ! " .
وبعد إلحاح شديد مني لمعرفة سبب الفتوى التي أصدرها بكامل ثقته , رضخ لإلحاحي وأجابني بأسلوب جاف لا يقبل النقاش , لخّص لي أسبابه في محورين رئيسين – كما وصفها لي - :
- عند ارتفاع مستوى السكر في الدم بشكل مستمر قد يتعرض المريض لغيبوبة "كيتونية" لو غفل المريض عنها مدة تتجاوز الـ(48ساعة) قد تقتله .
- وفي حالة انخفاض مستوى السكر يؤدي –لا سمح الله – إلى إغماء ثم مباشرة تلف في خلايا المخ .
ومن هذه المحورين نستنتج الخطورة البالغة على مريض السكري من النوع الأول ,ورغم ذلك تجد بعض الأشخاص  يعتقدون أن المرض يجب أن يكون منهك جداً لدرجة ملازمة الفراش حتى يباح الإفطار وإلا وجب صيامه وشقاءه !!, ويتشددون في طرح أحكامهم دون الرجوع إلى التفصيل الواضح في فتوى ابن عثيمين حيث قال : ( إذا كان يشقّ عليه الصوم ويضرّه ، كرجل مصاب بمرض الكلى أو مرض السكّر ، وما أشبه ذلك ، فالصوم عليه حرام ، وبهذا نعرف خطأ بعض المجتهدين والمرضى الذين يشقّ عليهم الصوم وربّما يضرّهم ، ولكنهم يأبون أن يفطروا ، فنقول : إن هؤلاء قد أخطأوا حيث لم يقبلوا كرم الله عز وجل ، ولم يقبلوا رخصته ، وأضرّوا بأنفسهم ، والله عز وجل يقول : ( ولا تقتلوا انفسكم ) سورة النساء, أية 29 ) (المرجع : الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين ج/6 ص/352-354 )
والمؤلم في هذا كله أن أهل هذا الشاب الذي يدعى سمير يؤنبوه لفطره ويؤذوه بفتاواهم الشخصية النابعة من منظورهم الضيق والمتشدد , رغم سماحة وفسحة الدين .
وإن خرج ليسد جوعة ورمقه في نهار رمضان يجد الأعين تترصده وكأنه (مرتد) !! وربما يصل بهم الحال لإبلاغ السلطات بأن هناك "مفطر !!"
انهى سمير معي جملته الأخيرة بأسلوب ساخر , بعد أن نُكأت جراحه , وعاد في صمته وحنقه على مجتمعه الجاهل !
الغريب في هذه الموضوع الجدلي والذي لم يلق أي صدى ,  أن المجتمع تناسى وتغافل عن النسبة الرهيبة التي تجاوزت 23% للمصابين بداء السكري في المملكة العربية السعودية !!

إرسال تعليق

جميع الردود تعبر عن رأي كاتبيها فقط ، وحرية النقد متاحة لجميع الأعضاء والقراء والقارئات الكرام بشرط ان لايكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من العبارات البذيئة وتذكر قول الله تعالى " مايلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد" صدق الله العظيم


 
الى الاعلى