0
 كتب / د : أحمد صالح آل زارب 


 
بغمرة التفاف طلابه حوله أثناء حل التدريب لم يكن يعلم المعلم زياد بن عثمان الجربوع أن قلبه لن يمهله لكي يكمل رسم أولى خطوات النجاح لطلابه الصغار الذين يلتفون حوله في إنصات ليسقط بين طلابه بقلب متعب أنهكه حمل هم تربية طلاب الصفوف الأولية منذ عقدين , سقط زياد بعدما بنى أجيالاً "بعضهم" دكاترة ومهندسين وجنوداً يذود عن حياض الوطن و "كلهم" يذكر ابتسامته الأبوية الحانية لينقله زملاؤه من قاعة الفصل لغرفة العمليات لكن قلبه لم يعد يقوى على الاستمرار لتتوقف دقات قلبه بالمستشفى معلنة فراق مربٍ لم يشأ أن يترجل عن ميدان التعليم لآخر نبضة .
وكان المشهد مساء أمس الأول مهيباً حينما أدى جموع المصلين في جامع الفرقان بمدينة الدمام صلاة العصر وداعاً ببكاء لزياد صاحب الابتسامة الدائمة فيما تحولت المقبرة لحفل تأبين للراحل ضم زملائه المعلمين و أبنائه الطلاب و أولياء أمورهم والكل يذكر مواقفه التي تمثلت في حرصه على تأسيس طلابه و حثه للزملاء على أداء رسالة التعليم – كما كان يسميها - و احتوائه للمعلمين الجدد في المدرسة و إرسال رسائل تربوية لزملائه حتى باتت غرفة المعلمين مصنعاً لشحذ الهمم و تبادل الخبرات.
وكان زياد قد انطلق في مسيرة التعليم في مدينة القيصومة التابعة لمحافظة حفرالباطن لتجبره ظروف ابنيه التوأم الصحية للانتقال إلى مدينة الدمام حاطاً الرحال في مدرسة الأمير جلوي بن عبدالعزيز بن مساعد الابتدائية خاطاً مسيرة من التربية والتعليم , و لأن أصحاب الرسالة لا يغادرون بشكل اعتيادي شاءت إرادة الله أن تكون طريقة رحيل زياد الجربوع فريدة حينما وافته المنية بين طلابه و كراساتهم مخلفاً خلفه فلذات كبده "ريناد و محمد ولمار و عبدالله وعبدالرحمن" بالإضافة إلى إرث تعليمي على مدى عقدين من الزمن كان خلالها نعم الأب و نعم المربي .

إرسال تعليق

جميع الردود تعبر عن رأي كاتبيها فقط ، وحرية النقد متاحة لجميع الأعضاء والقراء والقارئات الكرام بشرط ان لايكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من العبارات البذيئة وتذكر قول الله تعالى " مايلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد" صدق الله العظيم


 
الى الاعلى