زوايا الإخبارية -كلكتا، الهند (CNN)┃
داخل مركز "Quest" التجاري العملاق، يتجوّل أهالي مدينة كلكتا الهندية الأغنياء، ويصرفون روبياتهم على المنتجات المستوردة الفاخرة، ويتناولون الطعام في المطاعم التي تحمل نجوم "ميشلان."
ويعيش فقراء وأغنياء الهند في عالمين متباينين ليس من المبالغة وصفهما بالمنفصلين تماماً. وتتوسّع الهوّة بين هاتين المجموعتين مع مرور السنوات.
واليوم، تسيطر العشرة بالمائة الأغنى في البلاد على 80 في المائة من ثروة البلاد، بحسب تقرير أصدرته منظمة "أوكسفام" في العام 2017. بينما يمتلك أغنى 1 في المائة في البلاد 85 في المائة من ثرواتها -- أي أن ثروة 16 شخصاً في البلاد توازي ثروة 600 مليون شخص فيها.
نادراً ما يتحدث صنّاع القرار والصحفيون مع أمثال أمينة حول مسار التطور في الهند، التي يمثلها صروحٌ مثل مركز "Quest" التجاري. فما هو رأي أمينة؟
وليس لدى أمينة أي أوراق ثبوتية، لكن تؤكد أسرتها أنها ولدت قبل استقلال الهند في العام 1947.
وتعيش أمينة في غرفة واحدة تبلغ أجرتها دولارين في الشهر، في حي يفتقر حتى للتصريف الصحي، حيث يتشارك الأهالي دورة مياه واحدة، ويستحمون في المناطق المكشوفة.
ولا تتضمن طموحات سكان تلك المناطق بناء منازل أفضل أو تعليماً أفضل لأطفالهم أو سيارات أحدث. وقد تكون جلّ اهتماماتهم هي تحسين وضعهم المادي بقليل، وعيش حياة أفضل من حياة جيرانهم.
لكن، لم تنجح أمينة في تحسين وضها المادي طوال حياتها، ما قد يكون سبب حزنها، بعد زواجها من رجل لم يتمتع بالقوة أو الصبر على تحسين وضعهم في الحياة.
ورافقنا أمينة في رحلة إلى المركز التجاري، وهي جالسة على كرسي متحركة وأقدامها حافية. وبينما كنا نهمّ بالدخول، يهرع موظف الأمن تجاهنا، ويقول: "لا يُسمح لها بالدخول. لا أحد يدخل بدون أحذية."
نخبره أن أمينة لا تستطيع الحركة بدون الكرسي، ما يعني أن أقدامها لن تمسّ الرخام الإيطالي الذي يغطي أرض المركز.
تسأل أمينة: "أين نحن؟ هذا المكان نظيف جداً." تلك هي المرة الأولى التي ترى فيها أمينة المركز التجاري الوحيد في كلكاتا من الداخل.
ندخل إلى متجر "غوتشي" الراقي في المركز التجاري، وتنظر إلينا البائعة، وتسأل: "كيف يمكنني مساعدتك؟"
تشير أمينة إلى حقيبة من الجلد فضيّ اللون، وعندما نسأل عن ثمنها، تقول لنا الموظفة أنه 125 ألف روبية، أو 1865 دولاراً. حينها، لا يبدر عن أمينة أي رد فعل إزاء سماع هذا الرقم، فهو بالنسبة لها رقم أضخم من أن تفهمه.
وفي الولايات المتحدة، يستطيع قليلون دفع ألفي دولار مقابل حقيبة، لكن يستطيع الفقراء التجول في المراكز التجارية هناك، وحتى أخذ فكرة عن الأسعار، حتى أنهم قد يستطيعون الادخار لشراء شيء من هناك يوما ما.
لكن، تحتاج أمينة إلى الادخار لـ 25 سنة على الأقل لشراء حقيبة مثل هذه.
أما طريقة حل أزمة عدم المساواة في الهند فهي المعضلة التي تراود كثيرين على امتداد الهند. ويشير المحللون إلى أن نمو البلاد الاقتصادي في الـ 15 عاماً الماضية لم يثمر بخلق مزيد من فرص العمل، الأمر الذي يزيد الحال سوء.
واقترح الخبير الاقتصادي الفرنسي توماس بيكيتي، وهو كاتب كتاب "رأس المال في القرن الـ 21،" حل هذه الأزمة عن طريق رفع الضرائب على الأغنياء، الأمر الذي تسبب بموجة من الآراء المضطربة، والذي جعل البعض يطلقون عليه لقب: "ماركس الحديث."
وبين أكبر المشاكل الذي تواجه البلاد، الافتقار للتعليم الجيد ونظام الصحة العام.
ويتحدث الخبير الاقتصادي راج ديساي عن تأسيس برنامج لرواتب التقاعد ضمن برنامج الضمان الاجتماعي في البلاد، الأمر الذي سينقذ ملايين الهنود. ولهذا الغرض، أطلقت حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي برنامجاً لرواتب التقاعد، والذي واجه بعض الانتقادات.
لكن، قد تأخر الوقت كثيراً على أي حال بالنسبة لأمينة، التي قضت سنوات وهي تعمل في البيوت بدون حماية أو حقوق. ولم تصدر الهند قوانين تمنع استغلال هذا النوع من العمالة حتى مؤخراً.
وعندما نجلس مع أمينة لتناول وجبة في أحد المطاعم الموجودة في ردهة المطاعم في مركز "Quest،" نسألها عن رأيها في هذا المكان، وترد بقول: "لقد جئت من الجحيم إلى الجنة... أعتقد أنكم ستعيدونني الآن."
داخل مركز "Quest" التجاري العملاق، يتجوّل أهالي مدينة كلكتا الهندية الأغنياء، ويصرفون روبياتهم على المنتجات المستوردة الفاخرة، ويتناولون الطعام في المطاعم التي تحمل نجوم "ميشلان."
لكن، يبقى واقع حياة سكان الأحياء الفقيرة خارج أسوار هذا المركز التجاري مظلماً، مثل حياة أمينة.
وأمينة هي أحد سكان المدينة "غير المرئيين،" الذين يمثلون
قرابة 60 في المائة من تعداد الهند السكاني، ويعيشون على أقل من ثلاثة
دولارات وعشر سنتات في اليوم، وهو خط الفقر بحسب البنك الدولي. بينما يعيش
21 في المائة من سكان البلاد، أي أكثر من 250 مليون شخص، على أقل من
دولارين في اليوم. ويعيش فقراء وأغنياء الهند في عالمين متباينين ليس من المبالغة وصفهما بالمنفصلين تماماً. وتتوسّع الهوّة بين هاتين المجموعتين مع مرور السنوات.
واليوم، تسيطر العشرة بالمائة الأغنى في البلاد على 80 في المائة من ثروة البلاد، بحسب تقرير أصدرته منظمة "أوكسفام" في العام 2017. بينما يمتلك أغنى 1 في المائة في البلاد 85 في المائة من ثرواتها -- أي أن ثروة 16 شخصاً في البلاد توازي ثروة 600 مليون شخص فيها.
نادراً ما يتحدث صنّاع القرار والصحفيون مع أمثال أمينة حول مسار التطور في الهند، التي يمثلها صروحٌ مثل مركز "Quest" التجاري. فما هو رأي أمينة؟
وليس لدى أمينة أي أوراق ثبوتية، لكن تؤكد أسرتها أنها ولدت قبل استقلال الهند في العام 1947.
وتعيش أمينة في غرفة واحدة تبلغ أجرتها دولارين في الشهر، في حي يفتقر حتى للتصريف الصحي، حيث يتشارك الأهالي دورة مياه واحدة، ويستحمون في المناطق المكشوفة.
ولا تتضمن طموحات سكان تلك المناطق بناء منازل أفضل أو تعليماً أفضل لأطفالهم أو سيارات أحدث. وقد تكون جلّ اهتماماتهم هي تحسين وضعهم المادي بقليل، وعيش حياة أفضل من حياة جيرانهم.
لكن، لم تنجح أمينة في تحسين وضها المادي طوال حياتها، ما قد يكون سبب حزنها، بعد زواجها من رجل لم يتمتع بالقوة أو الصبر على تحسين وضعهم في الحياة.
ورافقنا أمينة في رحلة إلى المركز التجاري، وهي جالسة على كرسي متحركة وأقدامها حافية. وبينما كنا نهمّ بالدخول، يهرع موظف الأمن تجاهنا، ويقول: "لا يُسمح لها بالدخول. لا أحد يدخل بدون أحذية."
نخبره أن أمينة لا تستطيع الحركة بدون الكرسي، ما يعني أن أقدامها لن تمسّ الرخام الإيطالي الذي يغطي أرض المركز.
تسأل أمينة: "أين نحن؟ هذا المكان نظيف جداً." تلك هي المرة الأولى التي ترى فيها أمينة المركز التجاري الوحيد في كلكاتا من الداخل.
ندخل إلى متجر "غوتشي" الراقي في المركز التجاري، وتنظر إلينا البائعة، وتسأل: "كيف يمكنني مساعدتك؟"
تشير أمينة إلى حقيبة من الجلد فضيّ اللون، وعندما نسأل عن ثمنها، تقول لنا الموظفة أنه 125 ألف روبية، أو 1865 دولاراً. حينها، لا يبدر عن أمينة أي رد فعل إزاء سماع هذا الرقم، فهو بالنسبة لها رقم أضخم من أن تفهمه.
وفي الولايات المتحدة، يستطيع قليلون دفع ألفي دولار مقابل حقيبة، لكن يستطيع الفقراء التجول في المراكز التجارية هناك، وحتى أخذ فكرة عن الأسعار، حتى أنهم قد يستطيعون الادخار لشراء شيء من هناك يوما ما.
لكن، تحتاج أمينة إلى الادخار لـ 25 سنة على الأقل لشراء حقيبة مثل هذه.
أما طريقة حل أزمة عدم المساواة في الهند فهي المعضلة التي تراود كثيرين على امتداد الهند. ويشير المحللون إلى أن نمو البلاد الاقتصادي في الـ 15 عاماً الماضية لم يثمر بخلق مزيد من فرص العمل، الأمر الذي يزيد الحال سوء.
واقترح الخبير الاقتصادي الفرنسي توماس بيكيتي، وهو كاتب كتاب "رأس المال في القرن الـ 21،" حل هذه الأزمة عن طريق رفع الضرائب على الأغنياء، الأمر الذي تسبب بموجة من الآراء المضطربة، والذي جعل البعض يطلقون عليه لقب: "ماركس الحديث."
وبين أكبر المشاكل الذي تواجه البلاد، الافتقار للتعليم الجيد ونظام الصحة العام.
ويتحدث الخبير الاقتصادي راج ديساي عن تأسيس برنامج لرواتب التقاعد ضمن برنامج الضمان الاجتماعي في البلاد، الأمر الذي سينقذ ملايين الهنود. ولهذا الغرض، أطلقت حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي برنامجاً لرواتب التقاعد، والذي واجه بعض الانتقادات.
لكن، قد تأخر الوقت كثيراً على أي حال بالنسبة لأمينة، التي قضت سنوات وهي تعمل في البيوت بدون حماية أو حقوق. ولم تصدر الهند قوانين تمنع استغلال هذا النوع من العمالة حتى مؤخراً.
وعندما نجلس مع أمينة لتناول وجبة في أحد المطاعم الموجودة في ردهة المطاعم في مركز "Quest،" نسألها عن رأيها في هذا المكان، وترد بقول: "لقد جئت من الجحيم إلى الجنة... أعتقد أنكم ستعيدونني الآن."
إرسال تعليق
جميع الردود تعبر عن رأي كاتبيها فقط ، وحرية النقد متاحة لجميع الأعضاء والقراء والقارئات الكرام بشرط ان لايكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من العبارات البذيئة وتذكر قول الله تعالى " مايلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد" صدق الله العظيم