ياسر محمد البحيري |زوايا الإخبارية
د ياسر البحيري ( زواياّ) |
استكمالاً لحديث الأسبوع قبل الماضي حول آلام الظهر والانزلاق
الغضروفي وأسبابه من خلال حياتنا اليومية والتي منها الجلوس على الأرض حيث
ان الجلوس على الأرض في وضعية التربيعة وبدون أن يكون هناك ساند للظهر
لفترات طويلة يؤدي إلى انعكاس في التقوس الطبيعي في أسفل الظهر ووضع ضغوط
شديدة على عضلات أسفل الظهر وأعلى الظهر وبالتالي يؤدي إلى ضغوط شديدة على
منطقة الفقرات القطنية وقد يساند في حدوث الأمراض التي ذكرناها في العدد
الماضي ولهذا السبب فإن الكثير من الشركات طورت مؤخراً كراسي متخصصة يتم
استخدامها عند الجلوس على الأرض لفترات طويلة لكي تسند منطقة الظهر وقد
تلاحظون وجود مثل هذه الكراسي في الحرم الشريف وأيضاً عند بعض الناس الذين
يحبون الخروج في رحلات إلى البر ومثل ذلك حيث ان استخدام هذه الكراسي يوفر
دعما وراحة لمنطقة أسفل الظهر عند الجلوس على الأرض لفترات طويلة. أما ما
يقوم به البعض من الناس وخصوصاً المراهقين والطلبة من الجلوس على الأرض
وفرش الكتب أمامهم عند المذاكرة فإن هذه عادة سيئة جداً وتؤدي إلى ظهور
الأمراض خصوصاً في فئة الصغار الذين لم يكتمل نموهم ولاتزال عظامهم تتشكل
في مرحلة النمو والمراهقة. ولذلك فإنه ينصح بمحاولة تجنب الجلوس على الأرض
لفترات طويلة وإذا ما اضطر الإنسان لعمل ذلك فإنه يمكن استخدام كرسي ساند
أو مسند أو الجدار أيضاً لدعم الظهر عند الجلوس على الأرض. كما أننا ننصح
المرضى الذين يعانون من مشاكل أسفل الظهر بمحاولة تغير عاداتهم واستبدالها
بعادات حميدة لأسفل الظهر مثل محاولة استبدال عادة الجلوس وتناول الطعام
على الأرض بالجلوس على طاولة أو على كرسي مع ساند للظهر (Lumbar support)
وغير ذلك.
الجلوس الصحيح يقي العظام من الديسك
رفع الرجل على المغسلة أثناء الوضوء
في الواقع ان حركة رفع الرجل على المغسلة أثناء الوضوء إذا نظرنا إليها
بدقة فإنه يصاحبها لا إرادياً عملية ثني لمنطقة أسفل الظهر لكي يتمكن الشخص
من رفع رجله إلى المغسلة. وكلما كانت المغسلة عالية كلما ازداد الإجهاد
على منطقة أسفل الظهر. وهذا السبب في أن أغلبية مناطق الوضوء في المساجد
تكون فيها المغاسل منخفضة حتى تسهل عملية الوضوء وغسل القدمين. وعندما تكون
الغضاريف في منطقة الفقرات القطنية مريضة ومتآكلة أو يكون فيها انبعاج أو
بروز طفيف فإن حركة بسيطة مفاجئة مثل عملية رفع الرجل على المغسلة وما
يصاحبها من انحناء إلى الأمام لمنطقة أسفل الظهر قد تؤدي إلى تهتك وانفجار
في الغضروف وبروزه والضغط على العصب وظهور مرض أعراض عرق النسا كما هي في
الحالة التي ذكرناها في مقدمة هذه المقالة، العدد الماضي ولذلك يجب التنبه
لهذه الحركة خصوصاً عند المرضى الذين لديهم تاريخ مرضي لانزلاق غضروفي أو
آلام في أسفل الظهر أو مشاكل لأسفل الظهر وفي هذه الحالة يمكن استبدالها
باستخدام الشطاف عند غسل القدمين.
المراهقون تكون عليهم أشد
الانحناء إلى الأمام
في الواقع ان هذه الحركة نقوم بها جميعاً أثناء أنشطتنا اليومية. فمثلاً
قد ينحني الإنسان لالتقاط منديل من الأرض أو قد ينحني لالتقاط كيس من
الأرض أو قد ينحني لمداعبة ابنه أو ابنته وغير ذلك من الأنشطة التي تستدعي
الانحناء ولكن في الواقع ان هذه الحركة وهي الانحناء إلى الأمام هي حركة
سيئة إذا ما تم تطبيقها بشكل خاطئ. والشكل الخاطئ لتطبيق هذه الحركة هو
القيام بعملية الانحناء بثني الجزع أو ثني منطقة الفقرات القطنية إلى
الأمام بدلا من استخدام مفصل الورك الأيمن والأيسر للقيام بهذه الحركة. فإن
القيام بهذه الحركة بشكل خاطئ يؤدي إلى ضغوط شديدة على منطقة الفقرات
القطنية والغضاريف المحيطة بها وقد يؤدي إلى ظهور الانزلاق الغضروفي فجأةً
وقد مرت علينا حالات كثيرة يظهر فيها الانزلاق الغضروفي عند قيام المريض
بالتقاط شيء بسيط من الأرض مثل كيس فيه خضار أو كيس فيه فاكهة وفي هذه
الحالات يستغرب المريض لماذا حدث له هذا المرض بعد مجهود بسيط مثل هذا
المجهود وحمل بسيط مثل هذا الحمل ولكن في الواقع انه ليس مهماً وزن الجسم
الذي يلتقطه بل الأهم من ذلك هو الحركة التي قام بها أثناء التقاط هذا
الجسم من الأرض وهي حركة ثني الفقرات القطنية. ولذلك فإنه من الواجب التنبه
لهذا الموضوع وخصوصاً عند المرضى المصابين بالانزلاق الغضروفي أو المشاكل
أسفل الظهر ومحاولة تفادي هذه الحركة واستبدالها بحركة النزول مع ثني
الركبتين مع محافظة استقامة أسفل الظهر خلال التقاط الأشياء من الأرض. كما
أنه يجب التنبيه على أهمية المحافظة على استقامة الفقرات القطنية عند
الركوع بحيث يكون الظهر مستقيماً ويكون الركوع عن طريق استخدام مفصل الورك
الأيمن والأيسر مع ثني الركبتين قليلاً خصوصاً عند المرضى المصابين بمشاكل
أسفل الظهر.
الجلوس لفترات طويلة بطريقة خاطئة
إن الجلوس على الكرسي أو على الكنب الوثير أو في السيارة لفترات طويلة
وبطريقة مائلة (Slouching) كما يفعل الكثير من المراهقين عند القيادة
والتجول في الشوارع أو عند مشاهدة التلفزيون أوعند الجلوس على الكمبيوتر أو
استخدام جهاز الكمبيوتر اللوحي لفترات طويل يؤدي بشكل بديهي إلى عكس
التقوس الطبيعي في منطقة الفقرات القطنية ويؤدي إلى مجهود شديد على هذه
المنطقة بعكس ما يشعر به الشخص الجالس في هذه الوضعية الخاطئة. فهو قد يشعر
بالاسترخاء والراحة ولكنه في الواقع يقوم بعملية تدمير مستمر وبطيء
لغضاريف المنطقة القطنية مماسوف يؤدي في الغالبية العظمى من هؤلاء الأشخاص
إلى ظهور أمراض الانزلاق الغضروفي وجفاف الغضروف كما هو واضح في كثير من
المرضى صغار السن وحتى في مرحلة الدراسة أو في المرحلة الجامعية الذين
يأتون إلينا وهم مصابون بهذه الأمراض نتيجة هذه الوضعيات الخاطئة عند
الجلوس. وهذا السبب وهذه الوضعية تفسر أيضاً سبب انتشار مشاكل أسفل الظهر
عن الأشخاص الذين تتطلب أعمالهم الجلوس لفترات طويلة مثل مبرمجي الحاسب
الآلي وموظفي البنوك وكثير من الموظفين الإدارين. ويجب التنبيه على هؤلاء
الأشخاص خصوصاً إذا ما كان لديهم تاريخ مرضي لمشاكل وآلام أسفل الظهر
لضرورة الجلوس بطريقة صحيحة واستخدام المخدات والوسادات الخاصة التي تسند
المنطقة في أسفل الظهر وبضرورة القيام وعمل بعض تمارين الإطالة لمنطقة أسفل
الظهر كل نصف ساعة أثناء العمل أو الجلوس لفترات طويلة. وقد يكون هذا
السبب هو الأكثر أهمية والأكثر شيوعاً من ضمن أسباب انتشار مشاكل أسفل
الظهر في فئة الشباب خصوصاً في مجتمعنا.
النوم بطريقة خاطئة
في الواقع ان كثيرا من الناس يتساءل ما إذا كان النوم على الأرض أفضل من
النوم على السرير أو عن نوعية السرير أو عن نوعية المرتبة التي يجب
استخدامها لتفادي مشاكل أسفل الظهر. والحقيقة أن الجواب بسيط جداً وهو أن
المرتبة الصحية هي المرتبة التي تحافظ على التقوس الطبيعي في منطقة أسفل
الظهر (Lumbar lordosis) وتسند هذه المنطقة بغض النظر عن نوعية المرتبة أو
بلد التصنيع أو عن نوعية المادة التي تتكون منها. وأيضاً بعكس ما يظن
الكثير من أن المرتبة الصلبة (Firm) هي أفضل فإن الجزء الأعلى من المرتبة
الذي ينام الشخص عليه ليس مهماً بقدر الجزء الداخلي الذي يقوم بتحمل وزن
الجسم وتوزيعه والمحافظة على القوام الطبيعي والتقوس الطبيعي في أسفل الظهر
فإن هذا الجزء هو المهم أما الجزء الأعلى فإنه لا بأس أن يكون ليناً لكي
لا يضغط على أجزاء الجسم والمفاصل ويؤدي إلى آلام أثناء النوم. وفي جميع
الحالات فإن الوضعية أو المرتبة التي يرتاح لها الإنسان هي الوضعية الجيدة
أما المرتبة أو الوضعية التي تؤدي إلى ظهور الآلام فيجب تجنبها.
العناية بالأطفال والرضع
أثبتت الدراسات الحديثة أن الأم الجديدة تقوم بالانحناء (Bending over)
بمعدل خمسين مرة في اليوم الواحد أثناء عنايتها بطفلها الرضيع الجديد إذا
ما قامت بهذه العمليات بشكل خاطىء إن ذلك يؤدي إلى ظهور إجهاد وأمراض في
منطقة أسفل الظهر. أيضاً هناك فئة مدرسات رياض الأطفال اللواتي قد تستدعي
مهماتهن التعليمية الانحناء بكثرة أثناء التدريس أو أثناء العناية بالأطفال
الصغار مما قد يؤدي إلى ظهور آلام ومشاكل أسفل الظهر. وحتى في فئة الأطفال
الأكبر سناً فإن الأم قد تقوم بالانحناء أثناء العناية بأطفالها أو مثل
عملية الاستحمام أو ربط الأحذية للأطفال التي قد تقوم بالانحناء أثناءها
بشكل خاطىء مما يؤدي إلى حدوث ضغوط شديدة على منطقة أسفل الظهر. ومن هنا
يجب التنبيه على هذه الفئات التي ذكرناها سابقاً والعزيزة على قلوبنا من
المدرسات والأمهات بالتنبه عند العناية لفلذات أكبادنا حتى لا يتعرضن في
المستقبل في مشاكل أسفل الظهر.
الأسلوب غير صحي في الحياة
من سيئات الحياة العصرية وجود الكثير من المشاكل الصحية والعادات السيئة
وانتشار السمنة وعدم ممارسة الرياضة وترهل الأجسام والاتكال على الخادمات
في كثير من الأعمال مما أدى إلى زيادة الأوزان وضعف اللياقة البدنية وترهل
العضلات وهذا كله يؤدي إلى آثار سلبية على الهيكل العظمي بصفة عامة وعلى
العمود الفقري بصفة خاصة. ولعل هذا السبب يفسر ازدياد مشاكل وأمراض أسفل
الظهر في الجيل الجديد مقارنة بجيل الأجداد الذي كانوا يقومون بجميع
الأعباء والأنشطة اليومية ولكن كانت لياقتهم وصحتهم أفضل نتيجة الحركة
والنشاط وعدم انتشار السمنة وعدم تناول الأطعمة السيئة التي نتناولها في
أيامنا هذه. ولذلك فإن ممارسة الأنشطة الرياضية الخفيفة مثل رياضة المشي أو
السباحة هي من أهم عوامل الوقاية من مشاكل وأمراض كثيرة تصيب الجهاز
الحركي بما في ذلك أمراض المفاصل والعضلات والعمود الفقري.
النصائح والتوصيات
إن مشاكل وآلام منطقة أسفل الظهر والعمود الفقري تصيب تسعين في المئة من
الناس في مرحلة ما من مراحل حياتهم. وتنتشر هذه المشاكل بشكل كبير في
مجتمعاتنا نتيجة العادات والأنشطة التي ذكرناها سابقاً. وبالإضافة إلى
تأثيرها المباشر على المريض أو المريضة فإن لها آثارا غير مباشرة مثل فقدان
أيام كثيرة من العمل حيث ان مشاكل وآلام أسفل الظهر تعد من أحد أهم أسباب
فقدان أيام العمل في العالم كله بما في ذلك منطقتنا وذلك بسبب كثرة
الإجازات المرضية التي يتطلبها هؤلاء المرضى نتيجة الأعراض التي يشعرون به.
بالإضافة إلى ذلك فإن علاج مشاكل العمود الفقري وتشخيص هذه المشاكل هو شيء
مكلف حيث قد يتطلب في كثير من المرضى استخدام أشعات تخصصية متقدمة ذات
أثمان باهظة بالإضافة إلى تناول الأدوية وجلسات العلاج الطبيعي التي قد
تكون مكلفة مما يؤدي إلى استنزاف الموارد المادية للمجتمع ككل. وإذا اضفنا
إلى ذلك فإن الكثير من هذه المشاكل تصيب صغار السن وفئة الشباب والقوة
العاملة كما ذكرنا سابقاً فإن هذه المشاكل من الطبيعي أنها سوف تؤدي إلى
التأثير على حركة ونشاط المجتمع ككل فالموظف الذي يعاني من هذه المشكلة أو
المدرّسة التي تعاني من هذه المشكلة أو الزوجة التي تعاني من هذه المشكلة
سوف يكونون غير قادرين على أداء مهماتهم بشكل طبيعي وسوف تتأثر حياتهم
وحياة من حولهم نتيجة هذه المشكلة. ولذلك فإنه من المهم جداً عمل توعية
شاملة لفئات المجتمع حول النقاط السيئة التي ذكرناها سابقاً وكيفية تفاديها
وقد يبدأ هذا البرنامج عن طريق المدرسة بحيث يقوم كل مدرس أو معلمة بشرح
الطريقة الصحيحة عند الجلوس للطلاب سواء للمرحلة الابتدائية أو المتوسطة أو
الثانوية أو الجامعية. بالإضافة إلى ذلك فإن الموظفين الذين تتطلب أعمالهم
الجلوس لفترات طويلة يمكن عمل دورات تدريبية بسيطة لهم حول كيفية الجلوس
في وضعية صحيحة. وفي كثير من المنشآت الصناعية توجد والحمد لله دورات
تثقيفية وتعليمية للعمال حول كيفية تفادي مشاكل أسفل الظهر عند القيام
بأعمالهم وأنشتطهم.
إرسال تعليق
جميع الردود تعبر عن رأي كاتبيها فقط ، وحرية النقد متاحة لجميع الأعضاء والقراء والقارئات الكرام بشرط ان لايكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من العبارات البذيئة وتذكر قول الله تعالى " مايلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد" صدق الله العظيم