0
 
من الحب والعشق قصص تظل في الذاكرة مخلدة ويارفقتي الحب زمان كان يعني الوفاء وهي الخصلة التي نفتقدها في هذا الزمن وتعالو نبحر سويا في قصة " مسلّم الوليعي " الذي قتله الحب ولكنه ترك لنا قصة عميقة في الذات قرأت القصة وإليكم تفاصيلها المريرة
عاش مسلّم الوليعي وهو شاب بدوي من سكان المنطقة الشمالية الغربية وكان مسلّم شابا طيب الأخلاق شهم ذو نخوة و كغيره من الشباب يطمح لجمع المراجل بجمع المال وتكوين النفس
ولم يكن في ذلك الوقت من الأعمال التي يمتهنها الشباب إلا أعمالا محدودة ومن أبرزها الرعي فاشتغل مسلّم بالرعي وأصبح يتنقل بين القبائل حتى حط رحالة في الشمال عند رجل من رجال إحدى القبائل المشهورة وكان ذلك الرجل لديه حلال كثير وكان كريما فأكرم مسلّم وأحبه مسلّم الوليعي واشتغل عنده سنوات عديدة ،وكان لذلك الرجل بنت جميلة ألفت مسلّم فأحبها وأحبته حب عفيف طاهر ،وكان صاحب الحلال لديه ذودين من الإبل فكان مسلّم يرعي ذود والبنت ترعى ذود ،وفي أحد الأيام في مفلى الإبل قرصت مسلّم حية ، وكان ذلك أمام مرأى من جميع الرعيان فلما بكا مسلّم وتألم هبت إليه الفتاة ،وأمسكت بمكان القرصه وهو اصبعه الخنصر وأرخت لثامها تمص اصبعه لتسحب منه السم ،وسقط لثامها بالأرض ولم تأبه به وهنا قال الشرهان أنه بعد ذلك خاف من أن يصل إلى والد الفتاة خبره هذا فيقتله فهرب ،وقيل أنه لم يهرب في وقتها بل استمر عندهم والأمر كان طبيعيا
وأنهم بعد ذلك عزبوا في الإبل وكانت الفتاة ترعى ذودها بقرب ذود مسلّم ، ولما أمساهم الليل ناموا بجانب بعض ولكنهم غير ملتصقين ببعض وكانا ملتحفين لحافا واحدا ومن طهرهم فصلوا فيما بينهم بحبس صغير من التراب وعندما استيقضوا في الصباح رأت البنت حول منامهم أثر حوافر فرس أبيها فخافا أن يتهمهم بتهمة ،ولخوف الفتاة على مسلّم من والدها قالت له لا تدخل الفريق بل ابق بعيدًا وأنا سوف أذهب بالإبل وسأكتشف إن كان والدي قد ضن بنا سوءًا أم لا فإن كان الأمر طبيعي ولم يشك فسأقرع الحوض للإبل وتأتي أنت لأنني إن ذهبت لأناديك علموا أننا خائفين فيشكون في أمرنا ،وإن كان هناك خطرًا عليك فسأصرخ باسمك فاهرب لأهلك ،وهذا من حرصها عليه لأنها تحبه فضلت أن يبقى بعيدًا لكي لايطوله شر والدها ،وكانت تمشي إلى الفريق بخطىً وجله ولم تكن مشكلتها أهلها بقدر ما هي مفارقة مسلّم ،ولما عادت وقابلت أبيها وجدته لم يشك بأي شيء لأنه يثق فيهما ويعلم طهرهما
ومن فرحة البنت وشوقها لمسلّم بعد علمها بأنه لن يفارقها نسيت فصاحت له تناديه باسمه وعندما سمع نداءها علم أنه الموت فهرب وكان متحسرا لفراقها وخائفًا عليها من أن يمسها والدها بسوء ،فذهب لأهله خالي اليدين ،وكان مهموما من فراق محبوبته والهم الأكبر خوفه عليها ،فجلس عند أهله مريضا وانسلت حاله فحاروا به أهله عرضوه على أطباء شعبيين عدة فلم يجدوا به مرض وقال أحدهم إن الذي فيه عشق فخلوه يشرف بأعلى مكان واسمعوا ما يقول فعلا نفذوا ما أوصاهم به الحكيم الشعبي ،ولأن جبل رضوى قريب منهم جدا ،صعدوا به قمة جبل رضوى فأشرف منها أعلى مكان ووقف على الميهاف

وأنشد الأبيات التالية

يقول الوليعـي والوليعـي مسلـم

من دامت أيـام الصبـا لـه دام

لو إن عجـات الصبـا يجبرنـه

كما يجبر الجابر كسيـر عظـام

قارٍ قراني يوم قرصت خنصري

قـارٍ قرانـي ماعلـيـه لـثـام

إلى قرى القراى وأرخـى لثامـه

قلبـي تزايـد عـلـة وهـيـام

قراني وهو يسبح من الدمع ناظره

ليتـه قرانـي والعيـون نـيـام

رقيت في رضوى ورضوى منيفه

وأخيل في عيني جنـوب وشـام

أخيـل بعينـي طلحـة ناعميـة

سـلام يـادار الحبيـب سـلام

أنا جيتكم من راس رضوى عشيه

كما شن غـرب بـاد منـه وذام

وبعد أن أتم الأبيات سقط ميتًا وتدحرج من أعلى قمة رضوى

فأقسم أخوه أن يقتل من قتلت أخاه فعندما حملوه لدفنه قام أخوه وقص قرونه وبعد أن دفنه أخذ الجدايل (القرون) وعبائته

وذهب إلى منازل القبيلة التي كان مسلم يعمل فيها ،و وضع عباءة مسلم على جنب الذلول والقرون ربطها على القربة وعندما وصل منزل القبيلة وقف على العد ،وكل من جائت تروي عطاها القربة تروي له فإذا ملأتها ولم تقل شيئًا

أخذها ونثر ماها ،إلين جت بنت ومن أول ماشافت العباة على الذلول هرعت إليه ،فباشرها بمد القربة إليها فرأت القرون

فقالت : ياولد أسألك بالله العظيم ربك اللي خلقك وأذرى نسمك وين راعي هالقرون والعباة؟ فقال والله ما جيتك إلا دافنه ،فصعقت الفتاة وماتت في مكانها رحمهم الله جميعا





إرسال تعليق

جميع الردود تعبر عن رأي كاتبيها فقط ، وحرية النقد متاحة لجميع الأعضاء والقراء والقارئات الكرام بشرط ان لايكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من العبارات البذيئة وتذكر قول الله تعالى " مايلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد" صدق الله العظيم


 
الى الاعلى