0


أبو ظبي - وكالة أنباء الشعر : 
 

في الحلقة 9 من شاعر المليون6..المنصوري يتأهل وستة شُعراء ينتظرون للأسبوع القادمعلى قناة أبوظبي - الإمارات تابع جمهور الشعر النبطي ليلة أمس الأول الأربعاء مسابقة "شاعر المليون" التي تنظمها وتنتجها لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بأبوظبي بموسمها السادس، والتي استطاعت خلال مواسم معدودة كسب ملايين المتابعين على امتداد الجغرافية الناطقة بالضاد.
فقد انطلقت تمام الساعة العاشرة الحلقة التاسعة (الثالثة من المرحلة الثانية) من "شاعر المليون" حاملة معها إبداعات سبعة من المتسابقين من بين الواصلين إلى مرحلة الـ28 (الثانية) من مراحل المسابقة التي تقترب من نهايتها.




فمن مسرح شاطئ الراحة بأبوظبي تم نقل الحلقة التاسعة المباشرة عبر قناة أبوظبي الإمارات - والتي تعاد على قناة "بينونة" –، وتقدّم سبعة شعراء من سبعة دول عربية، حيث مثّل السعودية مستور الذويبي، والكويت عبدالله الحيلان، والإمارات سيف المنصوري وهو الوحيد الذي استحق الدرجة الكاملة في المرحلة الأولى من لجنة التحكيم أي 50 درجة، فيما مثل سلطنة عُمان حمود اليحيائي، والأردن عبدالله السرحان، ومصر علاء الرمحي، أما اليمن فقد مثّلها محمد الحجاجي، ومثلما عيون المتنافسين على بيرق المسابقة بموسمها السادس، كذلك أسماع الجمهور مع الشاعر الأكثر إبداعاً.




وفي ختام الحلقة التاسعة تمكّن الشاعر سيف المنصوري من التميّز مُجدّداً والحصول على أعلى درجة من لجنة التحكيم وهي 49 درجة، ولينتقل بالتالي إلى المرحلة الثالثة من شاعر المليون في موسمه السادس، فيما سوف تحسم نتائج تصويت الجمهور تأهل بقية الشعراء مع بداية الحلقة القادمة (العاشرة).

أما نتائج الحلقة الماضية (8) ....
الشعراء الستة الذين انتظروا أسبوعاً من القلق والترقب كانوا ليلة أمس مستعدين لمعرفة النتيجة، والتي وإن لم تأتِ كما يشتهي أكثرهم، إلا أنها مثّلت نتيجة حتمية حسب قوانين وقواعد المسابقة، ووفق نتائج التصويت عبر رسائل الـSMS فقد حظي كل من علي الغنبوصي التميمي من عمان بـ65% من التصويت، تلاه أحمد المجاحمة من الكويت الذي حصل على 62%، لينضما بذلك إلى مواطنه الشاعر عبدالله الهذّال الذي أهّلته لجنة التحكيم الأسبوع الماضي لدخول المرحلة الثالثة من "شاعر المليون" بعد أن منحته 49 درجة من أصل 50.






أما ذهبية التثبيت فقد منحتها اللجنة هذا الأسبوع للمتسابق العراقي فلاح البدري، والذي تم اختياره من قبل كافة أعضاء اللجنة بعد الوقوف على محصلة أدائه ومسيرته خلال المسابقة، وهكذا دخل فائزو الأمس المرحلة الثالثة من المنافسة التي تزيد حدة وصعوبة، وباتت تتطلب تركيزاً كبيراً من جميع الواصلين إليها. في حين خرج من المنافسة علي حسن القرني، وديع الأحمدي، بخيت المري بدرجات أقل، وبمحبة جمهور لا تقل أهمية عن محبة الشعراء الذين سيواصلون رحلة الإبداع والتألق والتميز على خشبة مسرح شاطئ الراحة في أبوظبي.
وحسب آلية التأهل في هذه المرحلة الثانية التي تنتهي الأسبوع القادم؛ فإنّ لجنة التحكيم المكونة من د.غسان الحسن، وحمد السعيد، وسلطان العميمي تختار شاعراً واحداً تمنحه أعلى درجة خلال الحلقة، فيما يتأهل شاعران آخران من خلال الرسائل النصية التي يرسلها الجمهور، بحيث يبقى في غمار المسابقة الشاعرين اللذين يحصلان على أعلى النسب، ولا تتوقف الآلية عند هذا الحد إذ أن بطاقات التثبيت الذهبية الثلاث التي بيد لجنة التحكيم ستذهب إلى الشعراء الذين ترى اللجنة أنهم الأحق في الاستمرار والمنافسة في المرحلة الثالثة التي ستضم 15 شاعراً يتنافسون على الفوز ببيرق الشعر، وبلقب "شاعر المليون" للعام 2014.

قصة اليحيائي




من حمود اليحيائي استمع جمهور الشعر إلى قصيدته التي جاءت تحت عنوان (قصة قصيرة جداً)، وفيها طرح موضوع الطلاق، إذ قال في مطلعها:
صحى قبل ديك الجار لا يزعج لجاره وضيا الشمس من خلف الجبال يتسلقها
ولمّا خيوط الصبح غطت جسد داره طلع وأمه تجهز فطوره وعانقها
تعب كل يوم يرمم بأم منهاره بدون أي ذنب يذكر أبوه طلقها

وتابع بقوله:
ضحك مدري من رجع يبكي اقداره وذكرى أبوه اللي عجز لا يشفقها

ثم ختم بالأبيات:
تمر السنين وسارة تلون الحاره ولا كنّها تكبر يا سبحان خالقها
تبسم لها كنّه يسولف عن أخباره وقضى بالأمل يومه والأحلام صادقها
يا لين المسا أسدل على العالم خماره وبه ناس غرّقها وبه ناس أرّقها
ونام وحلم ياتي له الصبح ببشاره وصحا له على كذبة سعادة وصدقها

د. غسان الحسن وجد أن النص متقن لا يهندسه إلا مهندس كلمات، ومع أن الموضوع الذي اختاره اليحيائي اجتماعي عادي؛ إلا أن الشاعر تجنب الطرائق المباشرة لطرحه، واختار أن ينطلق من شاب وأم وأب، بحيث بيّن في مدخل النص المكان والزمان والشخوص، ومع توالي الأحداث بدا النص وكأنه شريطاً سينمائياً تتداعى فيه العواطف بين الشخصيات التي كانت تظهر تباعاً، كما بيّن الشاعر في نصه أدوار تلك الشخصيات، وهذا ما جمّل الموضوع، فالشخصيات كانت كلها رئيسة، الشاب، الأب، الأم، وسارة موطن الأمل، وهذا أمر جميل قلما يستطيع الآخرون فعله، ورأى د. الحسن أيضاً في نص اليحيائي الكثير من الأفعال المتوالية التي جاءت كدليل على سريان الحدث وتقلّبه، مراهناً على أن الشاعر من خلال ذلك النص يستطيع كتابة قصة أو رواية، والمفاجئ – كما أضاف د. غسان - أن الشاعر بدأ بكلمة صحا، وانتهى بذات الكلمة في النص الذي يشتمل على الكثير من الجمال.
سلطان العميمي وجد أن القصيدة بنيت قصصياً بأسلوب شعري، ولم يكن فيها إلا صوت الشاعر الذي كان متفوقاً حتى في الإلقاء والحضور، ومن أهم ما ميز النص – حسب العميمي – أن التصوير كان حركياً، فالحركة لم تكد تهدأ، ما جعله وكأنه مشهد سينمائي، تمكن الشاعر خلاله من خلق إبداع من الأيام العادية عبر نص تصويري جميل.
من جهته أثنى الناقد حمد السعيد على ما قدمه اليحيائي، فأكد السعيد على الجماليات الموجودة في النص، وعلى الترابط والإحكام المتوافرين فيه.

شذب السيوف للمنصوري


سيف المنصوري ثاني شعراء حلقة ليلة أمس، والفائز أيضاً بأعلى درجات لجنة التحكيم عن نصه (شذب السيوف) الذي قال في مطلعه:
عاد الفجر ما فك لي بيبانه طرّف على المعنى وشد عنانه
بمبهرات في محاني ضوّه فوحة نسمها خالط الدخانه
أذّن ووقظ الأرض من مرقدها كنّه على البيدا يشع إيمانه
وندى الضو في لحيته يتلالا ماسٍ تغشا الزعفران ألوانه

ثم أضاف:
وأمك تحت حنا قدمها مرح تجني الرضا اللي مورفات أغصانه
وأبوك له بك هقوة للعليا ارقى لها والطم بها نيشانه

وقد ختم بأبيات لقيت إعجاب أعضاء اللجنة والجمهور؛ إذا قال:
خمس غبش للذاهبه بارقها والقلب ورد غدرها ذيدانه
من راس عود يعل راسي دونه ايعسف لصدوف الزمان احصانه
وكبر وتو النور ينسج خيطه ويفك للمعنى قفل بيبانه

سلطان العميمي وعلى الرغم من تنويهه إلى تقليدية الموضوع، إلا أنه أشار في الوقت ذاته إلى أن الشاعر جاء من تلك التقليدية بنص غير تقليدي، والذي حرص المنصوري في منتصفه على إيراد الصور الشعرية، وهو ما أبعده عن النمطية، ومع أن الشاعر أتى على ذكر المواعظ الخمس إلا أنه كان الشاعر ذكياً في طرحها، وخصوصاً حين ربط الموضوع بالوطن في بيت آخر، معتبراً العميمي أن هذا أمراً محموداً، وخصوصاً أن الشاعر ذكر غافة الشبهانة الموجودة في إمارة أبوظبي، ومشيراً إلى أن الربط جاء رائعاً جداً بين الخاتمة والمطلع.
حمد السعيد وصف المتسابق بأنه مبدع، إذ استطاع بناء نص جميل ولافت، ودفع المتلقي لعيش جو الأبوة، أما مدخل النص فقد كان ذكياً، وعمد الشاعر فيه إلى إيراد صور بديعة، من بينها البيت الذي قال فيه: (وندى الضو في لحيته يتلالا/ ماسٍ تغشا الزعفران ألوانه)، وما يحسب للمنصوري تفاعله مع النص الذي حمل مشاعر كثيرة.
د. غسان الحسن أشاد بما قدم سيف، وبموقف القصيدة وإن كان قصيراً زمنياً لكنه امتلأ وصفاً بما فيه من وصايا، وقد أجاد المنصوري برأيه في وصف الأذان والوضوء وغيرهما من الجزئيات التي ظهرت بشكل جميل جداً ومتجانس، ومن فضائل النص أيضاً - مثلما رآها د. غسان - أن النصائح الخمس فيه لم تكن رتيبة، فجاءت غير مباشرة، لكن لعل أجمل ما في النص هو البيت الذي تحدث فيه عن الوطن، إذ نبّه الشاعر إليه كجزء من الإنسان، وكان ذلك في منتهى الجمال، إلى جانب ذكره غافة الشبهانة رمز إمارة أبوظبي، وختم د. الحسن رأيه بالإشارة إلى جمال النص نوعية وأسلوباً.

وجدانية الحيلان




في نص يميل إلى الشكوى والحزن كرس عبدالله برجس الحيلان إبداعه، فمال إلى التصوير وإلى التعبير عما أصابه من انكسار، إذ قال في مطلع نصه الذي قدمه ليلة أمس:
على ذاك الطريق اللي شعوري صوّره مهجور بديت أسرج خيول الذاكرة واستطرد اللي راح
اعدّي ف الليال الماضية والضيق لاعب دور قبل لا تطوي الفرقا وصالك والحرن يجتاح
معك كانت مداوير الليالي ما تعرف تجور معك كان المسا لمة حبايب وانسجام أرواح

ليختتم بأبياته:
يبعثرني حنيني وانتشر ف الشارع الممطور أدوّر ف الوجيه العابره بسمة رضا وافراح
كلت عقلي ظنوني والأماني حبلها مفتور ووقف قلبي على ساق الصبر والدمع زل وطاح
وش أحكي لك بعد هذا الأسى يالغايب المذكور على بال الليالي اللي يديها بالسرور شحاح
سمعت ان العمر يمشي بسرعه والزمان يدور متى يدور الزمان ابكبر وبنسى واعرف ارتاح

حمد السعيد أشار في بداية حديثه إلى أن النص وجداني، وقد لعب الشاعر على ذاك الوتر الرقيق، وما لفته الأبيات الأربع الأولى منه، إذ يمكن قراءة العجز قبل الصدر، متسائلاً هل جاء ذلك مصادفة أم أن الشاعر استخدم حرفته، وهو ما أكده الحيلان، إذ عمد إلى هذا الأسلوب الذي قال عنه السعيد إنه يدل على جمال بالغ، كما أشاد السعيد بالإحساس الموجود في كل بيت، مؤكداً أن النص أعجبه جداً.
د. غسان الحسن وجد أن النص نابع من الشعور، لكن ثمة ما كان على الشاعر أن ينتبه إليه، سواء من ناحية استخدام بعض المفردات التي لم تكن دقيقة في إيرادها في النص، إلى جانب اختلال الوزن في أحد الأبيات.
سلطان العميمي من ناحيته أوضح فكرة النص التي تدور في فلك الشكوى والحزن، وهو ما جعل ملامح الشاعرية الجميلة واضحة فيه ولدى الحيلان، وهو ما ينبئ عن موهبة شعرية جميلة لديه، إذ كتب صوراً بديعة ساقها في تسلسل جميل ومتميز من بداية نصه وحتى نهايته، وبشكل أظهر فيه الوحدة والتماسك في ذلك النص الأنيق والرشيق.

ديرة السرحاني




تحت عنوان (أم النشاما) كتب عبدالله السرحاني قصيدته التي تحدث فيها عن بلده الأردن، وقد ابتدأ مطلع القصيدة بالأبيات:
الشعر دربن محتوي مشواري خاويته وزانت معاه اسفاري
كم قالوا القمرا عصت ساريها لكنها الليله تطيع الساري
شاعر وأجر من الشعور لحوني الذوق ريشه والحروف أوتاري
حرة قصيدي من مرابع ذهني ارسالها عبر الممشاعر جاري

وفي وصف الأردن قال:
الأردن اللي في ضميري حيه دايم لها دسم الغلا باشعاري
أم النشاما جودها موجدها كل حر فيها للشهامه ضاري
هامات عز بربها معتزه ما تركع إلا للعزيز الباري
وأم الشيم لا هز طرقي جذعه جادت وفا لو كان غصنه عاري
ملاذ للملهوف عون المبلي وجفن غطا للمستغيث يداري

د. غسان الحس أشار إلى الوطنية التي جاء بها السرحاني في النص وبأسلوب غير مباشر، مؤكداً أن ذلك الأسلوب أكثر تأثيراً من الآخر المباشر، أما التصوير فقد كان جميلاً وملوناً، فيه تشبيه ضمني، وكذلك معارضة في البيت الثاني، والتي جاءت لخدمة النص، كما جانس الشاعر في أحد أبياته بين الماضي والحاضر.
وما أعجب د. الحسن في النص البيت الذي قال فيه الشاعر (هامات عز بربها معتزه/ ما تركع إلا للعزيز الباري)، حيث ملأت العزة الزمان والمكان، لكن السرحاني في نصه هذا لم يوفق في بيت واحد وهو البيت الأخير، إذ قارن فيه بين عشقه للوطن وعشق البدوي للناقة حين قال: (عشقي لها عشق بدوي للناقه/ لوغاب عنها ما يغيب الطاري)، وهذا مأخذ د. الحسن على ما جاء به الشاعر.
المأخذ الآخر والوحيد للناقد سلطان العميمي على نص السرحاني هو عدم وجود ما يشير أو يدل على الأردن لولا أن قال الشاعر (الأردن اللي في ضميري حيه)، فقد انعدم وجود المفردات الدالة على موطن الشاعر، وبالتالي لو تم حذف مفردة الأردن لما تمكن المتلقي من معرفة المكان الذي يتحدث عنه الشاعر، لكن ذلك لا يقلل من جمالية النص، ومن صوره المتميزة.
في المقابل خالف حمد السعيد العميمي، حين أشار إلى وجود مفردات دالة على الأردن، مثل (الشيح، جذعه) وغير ذلك، والنص بشكل عام - كما وصفه السعيد - بأنه سهل ممتنع، ومفرداته جزلة.

مواني الرمحي




خامس المتسابقين كان علاء الرمحي الذي وجد في نص (المواني) ضالته لتقديمه ليلة أمس على خشبة مسرح شاطئ الراحة، ولجمهور الشعر وذوّاقته، إذ قال في مطلعه:
ياللي على خشوم المواني تودعوا قبل الرحيل قولوا لربابين الوطن وين المراكب ناويه
والبحر معلن ثورته والغدر في طبعه أصيل واحنا صوارينا ورق وحبالنا متلاويه
قولولهم برق ورعد قولوا لهم كيف السبيل والريح صرصر عاتيه وعزوم هلنا شاويه
والعطب طال البوصله والغيم يحجب فالدليل وهذا علل شاهد حدث ما هو رواية راويه

ثم عرج في وصفع على حال الوطن، وقارنه مع اتحاد الإمارات، حين أضاف في متن النص:
يا هل السياسة والأدب والطب نا وطنا عليل وهاذي تفاصيل الوجع يا من يجيب مداويه
ورغم الطعون النافذه عندي الأمل ما هو فتيل بين النجا والتهلكه ريت الفرص متساويه
هو درب واحد للنجا ومهناكش غير سبيل إن كان نبو اطاونا بين الامم متقاويه
زايد فتح باب النجا والغى عبارة مستحيل وبحكمته السبع العجايب في هذا متخاويه
الاتحاد الاتحاد الاتحاد ولا بديل ان كان مثلي تسمعوا صوت الرعود الداويه

(القصيدة منبرية وجميلة).. هكذا وصف الناقد سلطان العميمي نص الرمحي، مضيفاً أنها بمثابة رسالة تعبر عن الهم الذي يحمله الشاعر، بدءاً من النداء في البيت الأول (ياللي)، وهو مدخل يجذب المستمع، إلى جانب المفردات الدالة على الصوت للدلالة على الموضوع، وعلى الرغم من سوداوية النص إلا أن الرمحي شاعر مبدع.
الناقد حمد السعيد أشار إلى النضج الفكري والسياسي الموجود لدى الرمحي، وأشاد كذلك بالطرح الجميل في نصه، وبالرمزية بالغة التميز التي مال إليها، مع تسليطه الضوء على الواقع، وعدم إغفاله الإسقاطات على التاريخ، وما أضاف للقصيدة الموجهة والثرية هو حضور الرمحي المميز.
إلى ما رمى إليه الناقد العميمي رمى د. غسان الحسن، وهو مطلع النص، حيث لم يعط الشاعر الفرصة للمقدمة، وهذا يحسب له برأي د. غسان، فتجاوز المقدمة ودخل مباشرة إلى الموضوع من خلال ستة أبيات متتالية، كما أحسن الرمحي من تصوير المآسي في نصه، إذ جاء وصفه مزدحماً بالتصوير، وكانت بعض مفرداته ذات معانٍ كبيرة مثل (قولوا لربابين)، مشيراً د. غسان إلى أنها مفردة تحتاج إلى تفكير كثير.
ومما أشار إليه د. الحسن أيضاً في نص الرمحي وجود نمطية محببة برزت من خلال التقسيم الذي استمر في معظم أبيات النص وليس في كلها، وفي ذلك جمالٌ، وكأن الشاعر كسر النمطية حيناً، كما ألمح د. غسان إلى ما في النص من سجع، إذ كان يذهب الشاعر إلى الترصيع، وفي معرض نقده أشار إلى وجود نمطية أخرى في النص لكنها لم تكن محمودة، وهي السير على عبارة لغوية واحدة.

تباريح شوق




من بين متسابقي ليلة أمس كان محمد الحجاجي الذي ألقى نصه (تباريح شوق) وتفاعل معه أداءً وتعبيراً، خصوصاً وأنه يتحدث عن وطنه اليمن، إذا بدأ بالمطلع:
أهذي واشم الوطن وأفز وأسكر به وأحس كل اليمن واقف ورا بابي
وتضج فيني مزاميره معاً كربه ويغمض قلبي عليه وما انكسر نابي
وآزمل الشوق في صدري بلا طربه وأحط راسي وخلاني في أهدابي
وتفوح ريحة غلا والنفس مضطربه كلما فتح باب وجداني على احبابي

ثم أضاف خاتماً نصه بالأبيات التالية:
وأفرد جناحي فضا باحساس اسافر به من كل منفى شعور أو صمت بكتابي
يا كيف أنسى وطن في داخلي حربه؟ فيني تبجل.. تغنى جاكر اصحابي
أطير لابعد سما إن جيت بفخر به وآخذ ضيا من جبينه وأثلج اعصابي
لو كان بيدي غرست المزن بالثريه وادخل عيونه وثوب العشق جلبابي
واتنفسه واحترق واتلذذ بشربه واقدسه طهر والد في يده رابي
واعيش كني مراهق مغرمه قربه وأذوب في صدر خلي وادفن اعشابي

حمد السعيد ركز على إبداع وإحساس الحجاجي الجميل والراقي، وإلى المفردات التي تحمل النفس اليمني، وتحيل المتلقي إلى موطن الشاعر مثل (الزامل) وهو أحد ألوان الغناء اليمني، أما حضور الشاعر فكان جميلاً على المسرح، وإحساسه وأداءه وتفاعله كان متميزاً.
اللافت في رأي د. غسان الحسن إشارته المباشرة إلى حرفة الشاعر محمد الحجاجي، وهو الذي طرح أسئلة في نصه وأجاب عليها، أسئلة تعبر عما في داخله كمغترب، أما انتماءه لليمن فقد جاء واضحاً وعظيماً في النص الذي حمل صراعاً بين ذات الشاعر الواعية، الأخرى غير الواعية، وقد ظل ذاك الصراع متناوباً إلى أن وصل إلى الأبيات الأخيرة الثلاث، حيث ربط الواقع مع الخيال.
من حانبه أوضح سلطان العميمي أن الحجاجي كان قد شارك في الموسم الماضي من المسابقة، لكنه لم يصل إلى مرحلة الـ48، وها هو يشارك ثانية في الموسم السادس ويصل بعزمه وبإصراره إلى مرحلة متقدمة، ويقدم نصوصاً تدل على تطور كبير في مستواه الشعري، وهو ما تجسد ليلة أمس بالنص الذي ألقاه، والمتميز بموضوعه وبنائه، وبما يحمل من وعي وتصوير وانتماء، وهو نص جميل مميز، حتى في قافيته التي وإن التزم بها الشاعر إلا أنها لم توقعه في مطب الحشو، وختم العميمي بالقول إن الحجاجي أحد أميز شعراء اليمن الذين وصلوا إلى المسابقة.

حلم مستور والشعر




مع مستور الذويبي العتيبي و(حلم الشعر) كانت خاتمة الشعر ليلة أمس، فألقى قصيدته بكثير من الحماس، بدءاً من مطلعها الذي قال فيه:
طاب الكلام ودنا غصنه وحان القطاف والصدر عده وعد الصدر ما له وصيف
خفي الالطاف نج القلب مما يخاف انا على المفترق والدرب مغري مخيف
خضر السنين استهلت يالسنين العجاف والعين متعلقه بين العلم والرفيف
والحلم ياخذ من الاحساس طهر العفاف يا منبر الشعر حلم الشعر حمل كليف

ثم مرّ على حال البلاد بقوله:
وإذا على الجرح عد جروحنا بالآلاف ربيعنا يشتكي قسوة سنين الخريف
ما باقي إلا انت يا مروي صدور الجفاف يا غيث يا صوت الابكم يا عيون الكفيف

وختم بالبيتين اللذين انتهيا بحلم مصافحته القلوب النظيفة:
ما ضاقت الأرض في نهر بليا ضفاف لا عشت مستور في ثوب النظيف العفيف
أهم شي اني أصافح قلوب نظاف وأمر مثل الهدية من وليف لوليف

لجنة التحكيم رأت النص متميزاً، وهو ما دل عليه د. غسان الحسن، مشيراً إلى التصوير الجميل الموجود فيه، علماً أن موضوع النص مطروق سابقاً، أما النوع الثاني من الجمال الذي بان في النص فهو استخدام الشاعر المنطق العلمي في المنطق الشعري مثل (زوايا، ائتلاف) وغيرها من مفردات وظفها العتيبي في أداء المعنى، وما أعجب د. الحسن التورية، وذلك باستخدام الشاعر اسمه في البيت ما قبل الأخير (لا عشت مستور)، وفي سياق ما أشار إليه د. الحسن ومما أعجبه القافية في النص.
سلطان العميمي وصف حضور العتيبي بأنه رائع، وقد أضاف للنص الذكي الذي قدمه، من حيث طرح الفكرة، والحبكة الشعرية، والعلاقة بمسابقة "شاعر المليون"، مختتماً رأيه بأن النص ذو المطلع الجميل يقدم تجربة شعرية ناضجة، وهو ما أكد عليه حمد السعيد، إذ رأى أن النص يتحدث عن ثلاثة جوانب، أولها حديث الشاعر عن المسابقة والبيرق وخضر السنين، والجانب الثاني حديثه عن الشعر، أما الجانب الثالث فحديث الشاعر عن الذات، وهذا حق مكتسب له.

ارتجال:




قبل أن يقدم الشعراء إبداعاتهم في ليل أبوظبي وأمسية الشعر أمس؛ طرح الناقد حمد السعيد الأبيات التي على الشعراء مجاراتها، وكانت للشاعر السعودي محسن الهزاني، والتي قال فيها:
أيام ذكرني وأنا كان تايب حمام يلعى فوق روس الأشاذيب
أيام لام أوصال بيض الترايب لوصالهن ياما دعن المناديب
غزلان ريم بالمنازل ربايب ملبوسهن لي من غولى الجلاليب

في فقرة الارتجال، وما إن انتهى الشعراء السبعة من إلقاء قصائدهم على أسماع أعضاء لجنة التحكيم والجمهور طلب منهم حسين العامري وشيمه إلقاء أبيات الارتجال، وهي الفقرة التي رأى أعضاء لجنة التحكيم أنها تجربة تُثرى بشكل متوالٍ، وفي كل حلقة من حلقات المسابقة، فالشعراء يسيرون على ما هو مطلوب إلى حد بعيد، على الرغم من الوقوع أحياناً في عدة مطبات مثل الابتعاد عن الموضوع، أو وجود اضطراب في الوزن، لكن ذلك لا يلغي شاعرية الشعراء وإبداعهم في هذا الباب.

تحليل:




أما في استوديو التحليل فقد استقبل الإعلامي والشاعر عارف عمر د. ناديا بوهنّاد لتقدم ملاحظاتها على الشعراء السبع قبل الحلقة وبعدها، ومما قالته عن الشعراء تباعاً:
حمود اليحيائي: كان جيداً، لديه كاريزما، أداؤه بان جيداً، مقنعاً، كما كان مستعداً مع تحفظ أمام د. غسان الحسن، وقد بدا اليحيائي ليلة أمس مرتاحاً، وجيد الحضور، منسجماً مع موضوع قصيدته، ومهتماً بآراء اللجنة.
سيف سالم المنصوري: دخوله جاء متواضعاً في المرحلة الأولى، لكنه كان جيداً، وحركاته متناسقة مع النص، ومتفاعلاً مع اللجنة، أما الليلة الماضية فقد دخل بقوة، وأدى بشكل جيد، وكان مرتاحاً في جلسته إلى درجة المبالغة.
عبدالله الحيلان: أصغر المشاركين في المسابقة دخل أيضاً بتواضع إلى المسرح في المرحلة السابقة، لكنه جذب الجمهور، وكان واثقاً ومرتاحاً أمام اللجنة، وليلة أمس كان حضوره أكثر روعة، وأداءه أكثر جمالاً، وبدت ثقته بذاته واضحة، وحافظ على مستواه. علماً أن الحيلان حصل على 49% من التصويت عبر الموقع الإلكتروني للمسابقة.
عبدالله السرحاني: لم يكن مرتاحاً في المرحلة الأولى، وشعر بالضغط، لكن لغة جسده جاءت متناسبة مع النص، فيما كان ليلة جيداً ومتحمساً وأفضل من السابق، وقد تمكن من التحكم بتوتره.
محمد الحجاجي: في المرحلة الأولى كان مرتاحاً مع اللجنة، وإن أبدى قليلاً من التوتر مع د. غسان الحسن، لكنه بشكل عام كان جيداً كما كان ليلة أمس، إذ كان متحمساً ورائع الأداء، إلى درجة أنه اندمج مع النص، وتفاعل مع اللجنة.
مستور العتيبي الذي كان جامداً في جلسته المرحلة السابقة، تميز ليلة أمس جيداً، وذلك من حيث التعابير والحماس والاستعداد، بالإضافة إلى الثقة بالذات.
فيما حافظ علاء الرمحي على أدائه، خصوصاً وأنه يتفاعل عادة مع ما يقدم، كما كانت حركاته جسده متناسقة، وثقته بذاته جيدة، وكان له الحظ بالفوز بتصويت جمهور شاطئ الراحة الذي وصل إلى 30%.
ويذكر أن مسابقة وبرنامج "شاعر المليون" من تنظيم وإنتاج لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بأبوظبي، وهي تواصل تعزيز نجاحها في صون التراث الثقافي لدولة الإمارات، وإعادة الاهتمام بالشعر النبطي، بالإضافة إلى الحفاظ على التراث العربي بشكل عام، وتشجيع الشعراء والموهوبين من خلال الجوائز القيمة التي يحصل عليها الفائزون الخمسة في نهائيات المسابقة، والتي تصل أعلى قيمة لها إلى 5 مليون درهم إماراتي للفائز بالمركز الأول، والذي يحصل على لقب "شاعر المليون"، ويحمل بيرق الشعر.




وكانت قد انطلقت المسابقة عام 2006، وهي منذ انطلاقتها تحظى بجماهيرية كبيرة، وبمتابعة لم تشهدها مسابقة عربية شعرية سواها، وخصوصاً الموسم السادس الحالي الذي يشارك شعراء مستواهم الشعري متقدم جداً، وهم لم يصلوا إلى الحلقات المباشرة إلا بعد خضوعهم لاختبارات كانت أكثر صرامة من اختبارات المواسم السابقة حسب شهادة المشاركين للمرة الثانية أو الثالثة فيها، ومن بين تلك الاختبارات الارتجال وفقرات الفيديو، بالإضافة إلى فقرة التحليل النفسي.





إرسال تعليق

جميع الردود تعبر عن رأي كاتبيها فقط ، وحرية النقد متاحة لجميع الأعضاء والقراء والقارئات الكرام بشرط ان لايكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من العبارات البذيئة وتذكر قول الله تعالى " مايلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد" صدق الله العظيم


 
الى الاعلى