0
 الرياض / زوايا الاخبارية:



النفط واكتشافه في المملكة العربية السعودية قصّة عنوانها الإصرار على النجاح وسط تحديات الطبيعة والعتاد والبشر التي واجهت الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - طيب الله ثراه - أثناء تأسيسه البلاد، ليتمكن بفضل الله تعالى من تجاوز هذه التحديات مع الصبر والثقة بالمولى الكريم بأن الأرض حُبلى بخير قدّره الله تعالى لهذه البلاد المباركة التي بادلت أبنائها الحب ودفعت بقطرات الذهب الأسود عقب سنوات عِجاف مرّت على فرق البحث التي أوكل لها ذلك الملك عبدالعزيز، ليتدفق النفط من أعماق جوف الأرض، ويُصبح فيما بعد خيرًا وفيرًا يُغدق ثماره على اقتصاد المملكة ويجعلها أكبر دولة منتجة للنفط في العالم حتى الآن.
وتعود بداية اكتشاف النفط في المملكة إلى الرابع من صفر من العام 1352 هـ ، الموافق 29 مايو 1933م حين وقّع الملك عبدالعزيز اتفاقية الامتياز للتنقيب عن النفط مع شركة ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا (سوكال) بعد أن أنعش اكتشاف النفط في البحرين المجاورة الآمال بوجود مخزون من الذهب الأسود في الأراضي السعودية، وأعقب التوقيع توافد الجيولوجيون في 23 سبتمبر 1933 والنزول عند (قرية) الجبيل الساحلية التي تبعد نحو 105 كيلو مترات شمال مدينة الدمام.
وما أن التقط الجميع أنفاسهم حتى امتطوا الإبل والسيارة في يوم وصولهم نفسه ليلقوا نظرة على (جبل البري) الذي يقع على بعد 11 كيلو مترًا جنوب الجبيل، ثم قاموا عقبها بأسبوع بالتوغل جنوباً وإجراء فحص جيولوجي لتلال جبل الظهران، لتتواصل بعدها عمليات الفحص والبحث والتنقيب التي لم تحقق أي نجاح ذي قيمة لمدة سنتين.
وفي 30 أبريل 1935م تقرر بدء العمل في حفر بئر الدمام رقم (1) وبعد سبعة أشهر من التأرجح بين الأمل واليأس، أنتجت البئر دفعة قوية من الغاز وبعض بشائر الزيت، وذلك حينما وصل عمق الحفر إلى قرابة 700 متر، إلا أن عطلاً في المعدات أجبر طاقم الحفر على إيقاف تدفق البئر، وسده بالإسمنت.
وكانت بئر الدمام رقم (2) أفضل حالاً، عندما بدأ العمل في حفرها في الوقت الذي أغلقت فيه البئر الأولى، أي في 8 فبراير 1936م، وما أن جاء يوم 11 من مايو من نفس العام حتى كان فريق الحفر قد وصل إلى عمق 633 متراً، وحينما اختبرت البئر في شهر يونيو 1936، تدفق الزيت منها بمعدل 335 برميلاً في اليوم ، وبعد انقضاء أسبوع على ذلك الاختبار ، وإثر المعالجة بالحامض ، بلغ إنتاج الزيت المتدفق من البئر 3840 برميلاً يوميا. شجع ذلك على حفر آبار الدمام 3 و4 و5 و 6 ، دون انتظار التأكد من أن الإنتاج سيكون بكميات تجارية أو التعرف على حجم الحقل المكتشف. ثم صدر قرار في شهر يوليو بإعداد بئر الدمام رقم ( 7 ) لتكون بئر اختبار عميقة.

 وكانت زيادة حجم العمل تعني المزيد من الرجال والعتاد والمواد ، في حين لم يعد موقع العمل قادرا على استيعاب الزيادة في عدد العاملين، ومع نهاية عام 1936، ليرتفع عدد العاملين السعوديين في الموقع إلى 1076 عاملاً، بالإضافة إلى 62 عاملاً من غير السعوديين، كما كان يفترض أن تسير الأمور بشكل طبيعي، لكن حدث في ذلك الوقت ما لم يكن متوقعاً، فقد أخفقت بئر الدمام رقم (1) بعد أن جرى حفرها إلى عمق يزيد على 975 متراً، أما بئر الدمام رقم (2) فقد تبين أنها «رطبة»، بمعنى أنها تنتج الماء بشكل رئيس، إذ كان إنتاجها منه يزيد بمقدار 8 أو 9 مرات على حجم إنتاجها من الزيت، ولم يزد إنتاج بئر الدمام ( 3 ) على 100 برميل من النفط الثقيل يومياً، مع وجود الماء في هذا الإنتاج بنسبة 15 بالمائة، وزادت الأبار (4، 5، 6) خيبة الأمل بجفافهم وعدم قادرتهم على إنتاج أي سوائل.
وفي شهر ديسمبر 1936م، بدأ اختصاصي حفر الآبار الاستكشافية بحفر بئر الاختبار العميقة رقم (7)، التي بدت مثل سابقاتها مخيبةً للآمال، فجاء تأخير في عملية الحفر، كما كانت هناك بعض المعوقات، حيث عِلق أنبوب الحفر، وحدث كسر في جنزير الرحى، وسقطت مثاقيب الحفر في قاع البئر المحفورة، وكان لا بد من التقاطها، إلا أن جدران البئر انهارت، ورغم وصول جهاز الحفر الرحوي، الذي يعمل بقوة البخار، إلى طبقة البحرين الجيولوجية فقد ظلت النتيجة واحدة وهي ((لا يوجد نفط !)).
وبعد عشرة أشهر من الإحباطات، وتحديداً في 16 أكتوبر 1937، وعند عمق 1097 متراً شاهد الحفارون البشارة الأولى المتمثلة في 5.7 لترات من الزيت في طين الحفر المخفف العائد من البئر، مع بعض الغاز، وفي آخر يوم في عام 1937 ، أخفقت معدات التحكم في السيطرة على البئر، لأن البئر ثارت وقذفت ما فيها من السوائل والغازات، وبعد الحفر إلى عمق 1382 متراً ، لم يجد فريق الحفر كمية تذكر من الزيت، لكن سرعان ما تغيرت الأحوال، ففي الأسبوع الأول من مارس 1938، حققت بئر الدمام رقم (7) الأمل المرجو، عند مسافة 1440 متراً تحت سطح الأرض، أي بزيادة تقل عن 60 متراً عن العمق الذي كان الجيولوجيون يتوقعون وجود النفط عنده.

إرسال تعليق

جميع الردود تعبر عن رأي كاتبيها فقط ، وحرية النقد متاحة لجميع الأعضاء والقراء والقارئات الكرام بشرط ان لايكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من العبارات البذيئة وتذكر قول الله تعالى " مايلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد" صدق الله العظيم


 
الى الاعلى