0

 مكة المكرمة / سارة الاسمري وواس:

جانب من اللقاء الختامي
  أوصى  مؤتمر مكة المكرمة السادس عشر بعنوان " الشباب المسلم والإعلام الجديد " والذي نظمته رابطة العالم الإسلامي تحت رعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله -  بإبراز الوجه الحضاري للإسلام الذي تميّز عبر التاريخ بروح التعاون والتعامل مع الآخر في ظل الحضارة الإسلامية، وفقاً لما أوصى به المؤتمر الإسلامي العالمي الثالث للإعلام المنعقد في جاكرتا في العام 1435هـ، حيث دعا إلى "تأصيل قيم التسامح والعيش المشترك، واحترام الأديان في وسائل الإعلام كافة، وترسيخ ثقافة الحوار والشورى ومكافحة الفساد واستغلال النفوذ" والتعريف بالإسلام، والدعوة إليه، والتركيز على قيمه التي تدعو إلى العدل والشورى والقيم الأخلاقية التي تصون الأسرة وتعزز مكانتها في المجتمع وتشجيع المؤسسات الإعلامية على استثمار مناشط الإعلام الجديد، في تقديم برامج هادفة ترفع مستوى الوعي، وتستجيب لحاجة الشباب إلى المعارف الدينية، وإلى فهم الإسلام والدعوة إليه، ومواجهة التحديات التي تهدد الهوية الإسلامية.
وأوضح البيان الختامي الذي صدر في ختام أعمال المؤتمر اليوم أن من أولويات وسائل الإعلام الجديد التنسيق والتعاون فيما بين المؤسسات الإعلامية، والارتقاء بتقنياتها، وتذليل ما قد يعترضها من عقبات، والسعي إلى التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي بكفاءة واقتدار، وأن تجدَّ المؤسسات الإسلامية في إثراء محتواها، وتقويمه على أيدي العلماء وأهل الرأي المؤهلين والتصدي لمظاهر الابتذال والإثارة، بتشديد الرقابة على المحتوى المخالف لأحكام الإسلام، وحظره ؛ حذراً من الوقوع في غضب الله وعقوبته (? إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ )? وإصدار أنظمة خاصة بالجوانب العقدية والخلقية في استخدام الإعلام الجديد، لمواجهة العابثين بالقيم ، المتطاولين على حياة الناس وأعراضهم وأموالهم، والحزم في تطبيق العقوبات المقررة بحق المخالفين والتحذير من الإرهاب الإلكتروني، واعتباره سلوكاً إجرامياً خطيراً يمثل تهديداً لأمن الشعوب واستقرارها، واستغلالاً لغفلة البعض وسذاجتهم للإيقاع بهم والتأثير السلبي على أفكارهم، وحضهم على الجريمة والانحراف.
وحث الشباب المسلم بضرورة معرفة توجهات الشباب، وتنمية الوازع الديني لديهم، دعماً لأدائهم الإعلامي، وتوطيد ثقتهم بمجتمعهم، ليُحسنوا التفاعلَ مع الإعلام الإلكتروني، ويوظفوه في الحوار الثقافي، تحقيقاً للوفاق والتعاون الاجتماعي ونشر الوعي بين الشباب، بما يُمكِّنهم من الإلمام بقضايا مجتمعهم ومشكلاته، والتأكيد على إيجاد مفاهيم واعية للإعلام الجديد، وتقديم نماذج تحليلية مؤصلة عنه، تتجاوز نظرة الارتياب والحذر، أو الانبهار والتمجيد، وتحقق للشباب المسلم والإعلاميين المسلمين وعياً فاعلاً بالترشيد والاستنارة وإعداد ونشر برامج لتوعية الشباب وتحصينهم بالمعرفة، وإرشادهم لسبل الاستخدام الصحيح للإعلام الجديد، وبخاصة مواقع التواصل الاجتماعي ، والتحذير من المواقع الضارة والمناقضة للعقيدة، أو الأخلاق، أو الأعراف المجتمعية الرشيدة.
 
كما دعا المؤتمر إلى توعية الشباب بخطورة التساهل في بث أي معلومة مصورة أو مكتوبة أو صوتية، دون التأكد من صحتها؛ استرشاداً بقوله تعالى (( وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ )? [النساء/83]، وقوله (? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ )? والتركيز في الموضوعات المعروضة للبحث والنقاش ، على الأولويات الملحة مع ربطها بالإسلام، وإبراز سماحته وعالميته ووسطيته، لمواجهة حملات التشويه الظالمة التي تشنها بعض الوسائل الإعلامية.
وأكد على مشاركة الشباب في مناقشة قضاياه، وتشجيع مبادراته الخيرية والمجتمعية، وتحسين فرص التوظيف الأمثل للإعلام الجديد، ولا سيما في العمل الطوعي والتعليمي وريادة الأعمال، وتوفير الرعاية اللازمة بما يعينهم على تحسين فرص العيش وتقوية سبل الخير في المجتمع.
ودعا مؤسسات القطاع الخاص في إطار المسؤولية الاجتماعية إلى تنظيم مسابقات بين الشباب تُعلي من تنافس مبادراتهم الإيجابية، وإطلاق المشروعات التي ترفع مستوى الكفاية والأداء لأنماط الإعلام الجديد والاهتمام بالتربية الإعلامية النقدية التي تمنح القدرة على تقويم المحتوى الثقافي في الشبكة العالمية ووضع إستراتيجية إعلامية تسهم في برمجة وإصلاح النشاط الشبابي في المجتمعات المسلمة.
ودعا العلماء والمؤسسات الإعلامية إلى تعزيز استراتيجيات العمل الدعوي في الفضاء الرقمي، بما يُيسِّر إقامة شبكات تواصل فعّالة بين العلماء والباحثين، وبين الشباب والإعلاميين، واستصحاب جهود العلماء في مجالات الدعوة كافة وتوفير الظروف المشجعة التي تحول دون عزوف الكفايات الإعلامية والثقافية عن مهامها، وذلك بتشجيع العاملين في هذا المجال، وتوفير الضمانات المناسبة لهم ، وتوفير الحوافز المادية التي تتناسب مع مسؤولياتهم وربط الشباب بالعلماء الراسخين في العلم، ودعم فرص الحوار وتبادل الرأي، والتأكيد على المسؤولية في تجديد خطابهم الإعلامي الموجّه للشباب، دون المساس بالثوابت الشرعية وتقوية المحتوى الإسلامي في مواقع التواصل الخاصة بالمؤسسات الدعوية والجاليات المسلمة بحيث تكون جاذبة لغير المسلمين ، والاستفادة في ذلك من التجارب الناجحة.
وطالب المؤتمر الإعلام الإسلامي الجديد إلى بلورة رؤية إعلامية عالمية وفق أصول الإسلام وقيمه، وتطبيقها في مشروعات ومنتجات إعلامية وتـأهيل الكفايات البشرية الإعلامية، بِتقديم برامج ومناهج إعلامية تواجه تحديات العصر، وتطور مهارات الإعلاميين، والتركيز على الجانب الفكري، والتدريب على مهارات التعامل مع تقنيات الإعلام الجديد وإطلاق برامج تعطي للإعلامي المسلم حضوراً على الصعيد العالمي، ودعمها بالإمكانات المادية والعلمية والبشرية لتتحول إلى فضاء إعلامي مؤثر.
ودعا الجامعات العربية والإسلامية وأقسامها المتخصصة في الدراسات الإعلامية إلى توجيه فرقها البحثية للاهتمام بالمشكلات التطبيقية، وتحويلها إلى منتجات إعلامية تسهم في تكامل الجهود في هذا المجال، والسعي إلى تأهيل نخبة متخصصة تسهم في تطوير البحث العلمي بما يقدم للأمة قيمة معرفية وعملية وإنشاء مراصد لمتابعة ما ينشر في الإعلام، وتحليله ، والكشف عن مضامينه وغاياته واتجاهاته، وتقديمه للمؤسسات المعنية للإفادة منه وإصدار أنظمة تشجع الإنتاج الثقافي والإعلامي الصحيح، ونشره، وتوزيعه، وذلك دفاعاً عن الهوية الثقافية، وحماية حقوق المبدعين والمؤلفين، ومقاومة التبعية الثقافية والغزو الفكري واعتبار اللغة العربية أساساً في نشر الثقافة، والتعبير عنها، والدعوة إلى الاعتناء بها، حفاظاً على هذا المقوم المهم للأمة المسلمة ورفض المحتوى الإعلامي الذي يسيء إلى المقدسات الإسلامية ، أو يدعو إلى الدجل والخرافة والشعوذة، وعدم قبوله أو نشره عبر وسائل الإعلام وتشجيع الإنتاج الثقافي والفني، وتقديم البديل الهادف، ودعوة أصحاب رؤوس الأموال إلى الإسهام في دعمه وتمويله.




وقد اختتمت أمس  فعاليات المؤتمرورفع المشاركون في المؤتمر شكرهم وتقديرهم إلى خادم الحرمين الشريفين - أيده الله -، على رعايته للمؤتمر، وجهوده في دعم الرابطة ومناشطها، وسمو ولي عهده الأمين وسمو ولي ولي العهد - حفظهما الله - كما شكروا سمو أمير منطقة مكة المكرمة، على التسهيلات التي يقدمها للرابطة وهيئاتها وبرامجها، وافتتاحه للمؤتمر ، وشكروا الرابطة وسماحة رئيس مجلسها الأعلى ومعالي أمينها العام على جهودهم.
كما أبدوا شكرهم وتقديرهم لما تبذله المملكة وقيادتها في خدمة الحرمين الشريفين، وتوسعتهما، وإكرام ضيوفهما، وأشادوا باهتمام خادم الحرمين الشريفين والمسؤولين بعوائل شهداء سقوط الرافعة في الحرم المكي الشريف، والمصابين، واهتمامهم بأوضاعهم، سائلين الله أن يعم الجميع برحمته وأجره.

إرسال تعليق

جميع الردود تعبر عن رأي كاتبيها فقط ، وحرية النقد متاحة لجميع الأعضاء والقراء والقارئات الكرام بشرط ان لايكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من العبارات البذيئة وتذكر قول الله تعالى " مايلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد" صدق الله العظيم


 
الى الاعلى