ابها-مرعي عسيري
في
محاضرة أمتدت نحو الساعتين أدارها الدكتور عبدالوهاب مرعي تحدث
فيها الكاتب ومدرب المهارات خالد الرفاعي عن تقلبات المثقفين، وقد أثريت
المحاضرة بالمداخلات العديدة من الحضورفي نادي أبها الأدبي
ووجدت
المحاضره تأييد واعتراض ، فقد أثنى الدكتور خالد الشهراني على مضمون
المحاضرة التى أتت على مايراه بينما تباينت آراء أخرى ومنهم من يرى غير ذلك
فيما قال انه لايقصد التعميم وهو لم يحدد فئة بعينها بل رأى ان الإسلامين
يندرجون تحت هذه الفئة، ومنهم من أنكر البث الفضائي ثم أصبح يحتل القنوات مع
تبادل الأدوار وقد قال المحاضر أن هناك من كسب الموقف من تبادل الرأى لديه
،ولكنه همس في نهاية المحاضره انه يقصد أشخاص بعينهم
وقال
:الرفاعي عن تقلبات المثقفين في السعودية ودول الخليج وعدد من الدول
العربية، خاصة تلك التي مرّت بها قافلة الربيع العربي، أوضح أن تقلبات
المثقفين تعني انتقالهم من حال إلى حال، ومن موقف إلى موقف بسرعة مفاجئة،
لا تسبقها إرهاصات ولا ممهدات تضفي على هذا التقلّب مشروعية ما.
وأشار
أيضاً إلى أنّ هذه التقلبات متصلة بالوقائع السياسية والاجتماعية
والثقافية أكثر من اتصالها بالذات؛ ولذلك تبرز في المواقف ولا تبرز في
المنجزات الفكرية أو الأدبية، وتتجلى أحياناً من خلال تصريحات تلفزيوينة
(أي شفوية)، أو تغريدات على موقع تويتر، أو في مقالات قصيرة ذات طابع
انفعالي ..
وفرّق
المحاضر بين (التقلّب) و(التحوّل)، وعرض عددا من السمات التي تميّز كلا
منهما، ورأى أنّ (التقلُّبات) سمةٌ سلبية في المشهد الثقافي، تدلّ على
اضطراب المثقف، وعلى تأثره بالسياقات الحافة به أكثر من تأثيره فيها، وعلى
ذوبان ذاته في ذوات أخرى، أو في معان أو أشياء، أو تيارات، أو أنظمة، أو
أحزاب، وأنه في نشاطه كلّه ظلٌّ لنشاطٍ آخر مغيّب، يتسع باتساعه ويضيق
بضيقه، ويرتبط به وجوداً وعدماً ...
في
حين عدّ التحوّلَ شكلاً من أشكال النموّ الفكري، وصورة من صور فردانية
المثقف، وفاعلية نزعته النقدية لكلّ شيء حتى لذاته .. وفرّق بين عديد هذه
التقلبات المزرية وتلك التحوّلات التي نجدها لدى عدد من المفكرين والمثقفين
كالقصيمي والمسيري ومصطفى محمود وآخرين ..
وعرض
الرفاعي في محاضرته لتعريف المثقف ورأى أنه محكوم بدلالتين : إحداهما
واسعة تشمل كل من يمتلك رؤية خاصة ويملك القدرة على التعبير عنها،ـ والأخرى
ضيقة تعبّر عن المثقف الذي ينهض بوظيفة المثقف، واعتمد على تقسيم أنطونيو
قرامشي للمثقف بأنه إما مثقف تقليدي يخدم الثقافة من داخل المؤسسة الرسمية،
وإما مثقف عضوي أو اجتماعي أو منسّق يخدم الثقافة من خلال سياقات خاصة،
ويتولى نشر القيم المتصلة بحقوق الإنسان، ويسهم في تجسيدها، ومواجهة الجمود
بكلّ أشكاله، والمداومة على تمثيل الأشخاص والقضايا التي عادة ما يكون
مصيرها النسيان أو التجاهل أو الإخفاء (كما يعبر إدوارد سعيد) .
ثم
تحدث عن أبرز أسباب تقلبات المثقف، فأشار إلى النرجسية، التي تجعل المثقف
يمنح نفسه صلاحية التصرف الفردي في القيم والمبادئ العامة، ومثّل لذلك
بمطالبة أحد المثقفين بتصفية شخص معيّن بسبب اختلاف نظري بينهما في مواقف
فكرية أو سياسية، وحين يُسأل عن تعارض هذا الموقف مع المبادئ العامة للمثقف
التي تندرج تحت عنوان (حقوق الإنسان)، يعود إلى أصول هذه المبادئ العامة،
ويعيد صياغتها وترتيبها، لتخرج من عموميتها إلى الخاص، فتتسعَ بذلك لموقفة
الذي يعدّ انقلابا سافراً على أصل المبدأ، وعلى روح المثقف ووظيفته .
وأشار
أيضاً إلى بعض المثقفين الذين يضربون بعضَ المبادئ ببعض، أو يقيمون
تعارضاً بينها، ليسوّغوا بذلك خروجهم على مبدأ ما بحرصهم على حماية مبدأ
آخر، فحين يطالِب يطالب المثقف بتصفية خصومه، أو حين يمارس الاستعداء
عليهم، يعلّق هذا الفعل بحماية الوطنية، ليشرعن بإقامة هذا التعارض خروجه
السافر على أحد أهمّ المبادئ الثابتة في وظيفة المثقف .
ثم
تحدّث المحاضر عن النفعية كأحد أسباب تقلبات المثقفين، وألمح إلى بعض
الشهادات الثقافية التي تدلّ على أنّ من المثقفين من كان يتقاضى مقابلاً
مادياً أو معنوياً للمواقف التي تبنّوها مع علمهم بأنها تتعارض مع جملة
المبادئ التي تندرج تحت "حقوق الإنسان" .
وأشار إلى أنّ الجانب الأخلاقي عامل مهمّ للمثقف، وهو وحده الجدار الذي
سيحول دون اختراقه وتوظيفه، وهو وحده المانع من انكساره أمام المُغريات .
وفي
سياق واسع تحدّث عن غياب الفردانية (الاستقلالية) بوصفها سبباً من أسباب
تقلبات المثقفين، مشيراً إلى أنّ المثقف العربي (والخليجي تحديداً) ارتهن
نفسه لدى تيار أو طائفة أو جماعة .. وأخذ يتحرك وفق رؤيتها .. واستشهد
بالنقد اللاذع الذي تعرض له كل من الغذامي والغنامي والسحيمي من الوسط
الثقافي لأنهم قاموا بنقد الخطاب الثقافي، أو السياقات المحسوبة على
المثقفين، واستنكر اللغة التي حملت هذا النقد .. وتجاوزت حدود المقبول .
كما
استشهد المحاضر بموقف الروائية البحرينية فوزية رشيد من الأحداث الأخيرة
التي شهدتها البحرين ورأى أن غياب الفردانية بمعناها الحقيقي، هو الذي أفضى
بفوزية رشيد إلى هذه الحالة، ورأى أن وهم الاستقلالية أو وهم الفردانية
أحد الأوهام التي تعبث بالمثقف العربي، وأحد الأسباب الرئيسة المؤدية إلى
تراجع وظيفته... وكَشَفَ عن أنّ الخطاب الثقافي معدّ لما قبل الأزمة ولما
بعدها، وليس معداً للأزمة نفسها، وقيادته الذهنية تخدم التاريخ والمستقبل
أكثر مما تخدم الحاضر .
ثم تحدث عن المكاسبية، التي تهيمن على الخطاب الثقافي العربي، وتعدّ سبباً
بارزاً من أسباب تقلّباته ..، وتؤدي في كثير من الأحوال إلى ضرب
الموضوعية، أو إلى العبث بالمشاريع التنموية أو التاريخ أو الرموز .. وضرب
مثالا بتقاعس بعض الكتّاب عن دعم مشروع مناصحة الموقوفين الذي تشرف عليه
وزارة الداخلية لأنه لا يعدّ – من وجهة نظرهم - مكسباً للخطاب الثقافي خاصة
في بدايات المشروع، وكذلك انتخابات المجالس البلدية، وعدد من البرامج التنموية التي لا يخدمها المثقف إلا إذا ضَمن عدم ارتباطها بالتيار المضادّ ..
وأشار
إلى أن المكاسبية في نشاط بعض المثقفين تجاوزت البرامج التنموية إلى
التنافس على الذوات، واستشهد بتنافس التيارين الليبرالي والإسلامي على
رمزية الأديب عبدالكريم الجهيمان (كأديب سعودي) وعبدالوهاب المسيري (كأديب
عربي) .
كما
تحدث كذلك عن العامل النفسي بما هو سبب من الأسباب الدافعة إلى تقلبات
المثقفين، مشيرا إلى أن الهجوم الشرس الذي شنه التيار الإسلامي في
التسعينيات على رموز الثقافة في المملكة ترك لدى كثير من المثقفين شعوراً
عميقاً بالمظلومية، عبر عنه بعضهم بخطاب انتقامي، وتنفيسي، لا يقيم
اعتباراً للموضوعية، وغايته إسقاط الخصم التقليدي .
ثم
تحدث عن الازدواجية بوصفها سبباً من أسباب التقلبات، ورأى أن من أهمّ
أنماط الازدواجية تلك الازدواجية القائمة بين شخص المثقف وشخصيته، أو بين
المبدأ والممارسة، ورأى أنّ هذه الازدواجية هي التي ستسهم في سقوط مصداقية
المثقف، وفي تراجع دوره، كما كانت سبباً في تراجع الخطاب الإسلامي وسقوط
مصداقية بعض أتباعه .
وختم
الرفاعي المحاضرة بالإشارة إلى الدور الكبير الذي يجب أن تنهض به المؤسسات
الرسمية لضبط الإيقاع، ولإعادة الهيبة للخطاب الثقافي، وذلك من خلال رفع
مستوى الحرية لنشاط المثقف، مع تعزيز مسؤوليته عن هذا النشاط...
كما
قرر أيضاً أهمية توسيع السياق الذي ينشط فيه المثقف التقليدي، وذلك بإعادة
النظر في الطريقة التي يُدار بها الشأن الثقافي في المملكة، والبحث عن
طرائق تضمن منحَ المثقف المتخصص أو الباحث أهمية أكبر، ليسهم في نقل النشاط
الثقافي من حقل (المواقف العابرة) إلى حقل (القراءات المعمّقة) أو (البحوث
الميدانية)، تمهيدا لتحقيق نقلة أكبر من (التعدّد) إلى (التعدّدية) .
وما
ان انتهت المحاضره حتى انفجرت حناجر الحضور والحاضرات باراء مختلفة
وتحليلات تقترب من فكرة المحاضر واخرى تعترض على بعض مضامين المحاضره.
وقد
اثرى المحاضرين والحاضرات المحاضره وهم الدكتوره مريم الغامدي التي لخصت
المحاضره ومبارك المطلقه ومحمد طالع والدكتور خالد الشهراني وعلي فائع
والدكتور عبدالله قاسم والدكتور محمد ابو محمد ابو ملحه والدكتور عبد
الرحمن الجرعي والدكتور محمد العمري وعبد الله الاسمري وظافر الجبيري ومناع
القرني
وختم
رئيس النادي الدكتور احمد ال مريع فبدا بالتعليق على المحاضره فتكلم عن
حركة المنهج الغربي تجاه الكنيسه والفهم الخطائي في المجتمع الغربي وقال ان
المجتمع الاسلامي مجتمع متصالح وقائم بفكرة عمارة الارض والمثقف مرتبط
بالمجتمع وعلينا ان لا ننظر ان المجتمع ملئي بالسواءات وتكلم عن المثقف
الهابئه الذي مع اي تيار وطالب بحفظ حقوق المجتمع لمن يريد التعدي عليها من
بعض المثقفين ثم شكر المحاضر المبدع وامدير الحوار المميز وقدم درعا
النادي تقديرا لهم.
لقطات :
إرسال تعليق
جميع الردود تعبر عن رأي كاتبيها فقط ، وحرية النقد متاحة لجميع الأعضاء والقراء والقارئات الكرام بشرط ان لايكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من العبارات البذيئة وتذكر قول الله تعالى " مايلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد" صدق الله العظيم