0
     غزة / منال أحمد : 
مات عبد ربه مات العبد وظل ربه المطلع على كل صغيرة وكبيرة ، تتعدد القصص المأساوية من غزة وفي هذه المرة ومن خلال
سيل متابعاتنا لتلك القصص نتوقف عند قصة عائلة " عبد ربه"  وكمل يرويها الزميل الصحفي محمد الخالدي لموقع " دنيا الوطن"
يقول عنها إنهاهي إحدى المجازر التي ارتكبت ومازالت ترتكب بحق الشعب الفلسطيني, فالتطهير العرقي لامس كل شارع  في غزة  من بيت حانون شمالاً حتى رفح جنوباً.

المجازر لم تقتل الجسد فقط , بل قتلت الماضي والحاضر والمستقبل , قتلت الذكريات والأماني والأحلام , كعادتها  المجازر الإسرائيلية  تفرق الأجساد أشلاءً  وتجمعها في قبور متجانسة  متلاصقة  متجاورة , الدموع عليها واحدة والآلام واحدة وغالباً ما تكون  لعائلة واحدة.

عائلة عبد ربه إحدى العائلات التي تعرضت لمجزرة إسرائيلية  بحقهم, في مدينة جباليا  شمال القطاع, عاشت تجربة الموت, تجربة الأشلاء والدماء, تجربة صرخة الفراق والوداع.

من أحد ممرات مستشفى الشفاء بغزة, روى علي عسلية (22عام),  لمراسل دنيا الوطن تفاصيل ليلة المجزرة التي أودت بحياة  6 من أفراد عائلة خاله جمال عبد ربه .

يقول علي : "بعد أن أصبح بيتنا معرض للخطر بسبب القصف الإسرائيلي على البلدة, قررنا أن نأوي إلى منزل عمي فايز عسلية  الكائن في شارع غزة القديم بجباليا البلد مع أبناء عائلة خالي جمال عبد ربه لنكون في منطقة أكثر أماناً , وفي ليلة 29/7, اجتمعنا لتناول وجبة العشاء مع بعضنا البعض وبشكل مفاجئ بدأت تتساقط علينا القذائف الإسرائيلية بشكل جنوني, على إثرها ذهب الجميع للاحتماء تحت درج  المنزل"

ويتابع علي بعد أن أخذته الرجفة وهو يقترب إلى تفاصيل المجزرة التي عاشها بأم عينه,  "  الجميع نزل إلى الأسفل بسرعة,  وأثناء نزولي, ضربت قذيفة الطابق العلوي لتصيب صديق طفولتي وخليلي ابن خالي إبراهيم,  فقررت أن لا أنزل دونه فقمت بحمله وإنزاله معي إلى الأسفل لإسعافه"

وصل علي إلى الأسفل بعد أن وضع صديق طفولته ابراهيم بجانب أمه التي كانت تصرخ لرؤيته وأثناء وضعه وإذا بقذيفة غادرة تسقط بينهم لتفرقهم عن بعضهم البعض, فالمكان أمتلأ بالغبار والدخان ,حيث فتح علي عيناه و إذ يشاهد بجانبه أخته جهاد وطفلتها رهف وأخيه ابراهيم بجواره والدماء قد أغرقتهم 

إبراهيم شقيق علي قام يصرخ بقوة "علي علي إلحقني إلحقني  يا خوي أنا بموت ", وفوراً هب علي لنجدة أخية  فرأه ينزف بشدة من رقبته فحاول أن يضع يده على رقبته وإذ يده تدخل في رقبته , فصدم متوتراً ليقوم بنزع  الفلينة الداخلية ويقوم بلفها على عنق أخيه. 

يقول علي " الكل يصرخ الكل ينادي لم أعرف من أنجد من , الكل ينزف وأنا أنزف, رأيت أختي جهاد وقدمها تنفض بالدماء,  فأسرعت للخارج كي أستغيث بأحد وإذا بقذيفة تضرب أمام البيت , عدت إلى داخل البيت فرأيت خالتي بركة عبد ربه (45 عام) , مصابة وتنزف وهي تصرخ وتطلب مني أن أحضر لها أولادها, لكنها استشهدت ولم تعرف  أن  صديق طفولتي ابنها ابراهيم (21عام) و ابنها علاء جمال (27 عام)  وطفلته رهف (4 سنوات) و ابنها محـمد جمال (25عام) وطفله جمال (عامان) قد استشهدوا بعد أنا كانت تصرخ  طالبةً رؤيتهم وهي تلفظ أنفاسها الاخيرة.

في سرد علي لهذه المجزرة الذي وصف المشهد بتفاصيل جعلت مراسل دنيا الوطن يعيش الحدث وكأنه كان بينهم في تلك الليلة , نعم جعلته يسمع صرخاتهم ويرى دمائهم المتبركة حولهم .

وبعد أن رأى علي أن الموت هو سيد المكان, استنهض نفسه  ليلقن الجميع الشهادة , وبعد أن لقنهم وصلت إحدى سيارات الإسعاف محاولةً انقاذ من تبقى, لكن القذائف كانت بالمرصاد  لتلك السيارة  ليرتقي أحد مسعفيها شهيداً.

واستكمل علي أن أخيه عمار استطاع الوصول مع سيارات اسعاف  إلى المكان , وبالفعل أسعفت السيارات المصابين  فكان في إحدى السيارات التي نقلت أخته جهاد وطفلتها رهف , وأثناء رؤيته  لرهف, لاحظ أن عيناها تحولت للون الأبيض فشعر أنها استشهدت فأشار المسعف إليه بأنها استشهدت , حينها صارت تنادي أخته جهاد وتطلب رؤية ابنتها رهف لتطمئن عليها, فحاول علي أن يطمئنها كي لا تزداد حالتها سوء قائلاً : "يا ختي يا جهاد ما تقلقي هي رهف جنبك, حتى هي ايدها امسكيها ". 

مشيراً إلى أن أخته لا تعلم حتى هذه اللحظة باستشهاد ابنتها وزوجها علاء جمال الذي يصادف تاريخ استشهاد ه بتاريخ يوم ميلاده ويوم ميلاد ابنته "بركة"  ويوم زواجه بالإضافة إلى تاريخ استشهاد أمه وأشقائه.

في تلك اللحظات علي كان مصاباً بشظايا  اخترقت جسده , لم يداويها لمدة أيام بسبب هول ما أصابه في تلك الليلة ,فهو مازال يعتصر ألماً على صديق طفولته ابن خاله إبراهيم قائلاً : "كنا نذهب إل المدرسة مع بعضنا البعض نفرح معاً نبكي معاً نحزن معاً نضحك معاً ,ماذا أفعل الآن لوحدي؟!"

انتهى الحديث مع علي الذي كان جالساَ  في أول مرر أحد أقسام مستشفى الشفاء , فالممر ما زال يحتضن الكثير ممن عانوا ويلات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة 








 

إرسال تعليق

جميع الردود تعبر عن رأي كاتبيها فقط ، وحرية النقد متاحة لجميع الأعضاء والقراء والقارئات الكرام بشرط ان لايكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من العبارات البذيئة وتذكر قول الله تعالى " مايلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد" صدق الله العظيم


 
الى الاعلى