تقرير : أسامة الكحلوت
 |
عمل في مزرعة شارون وسجن بتهمة التخطيط
لاغتياله منتصف السبعينات
|
طوي التاريخ بالأمس صفحة رجل كان الاسوا
على تاريخ الشعب الفلسطيني بمجازره وقتله لأبناء الشعب الفلسطيني أطفالا كانوا أو
شيوخا أو نساء، بدءا من مجزرة صبرا وشاتيلا وحصار بيروت واغتيال القادة والجدار
ومجزرة جنين وبناء المستوطنات وصولا لاغتيال الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات انه وزير
الدفاع الاسرائيلى سابقا ورئيس الوزراء ارئيل شارون.
شغل عدة مناصب خلال عمله في الحكومة الإسرائيلية
كانت بدايته بوزارة الدفاع وصولا لرئيس الوزراء ومشاركته الفاعلة في حرب أكتوبر ،
وكان يتفنن في تعذيب الشعب الفلسطيني وقتله حيث أطلق شرارة الانتفاضة الثانية بعد
دخوله المسجد الأقصى والتي ما زالت تبعاتها حتى ألان .
سيدون اسمه في السجل الأسود للتاريخ ،
لكن بصماته موجودة في كل بيت ناجى من دماره وبطشه وقتله للشعب الأعزل ، وما زالت
بصماته العنصرية يتذكرها بعض أبناء الشعب الفلسطيني الذي عملوا داخل مزرعته
القريبة من الحدود مع غزة .
صلاح جميل البحيصى "54 عاما "
أحد المواطنين الذين كان لهم قصة طويلة مع شارون ، حيث ولد ونشا في مدينة دير
البلح بين تجمع كبير لعائلته في المخيم ، وتوجه للدراسة في الأردن ، وكان يستغل أوقات
الإجازة للعمل داخل إسرائيل لمساعدة أهله في المصروفات كباقي اللاجئين بالتوجه من الأردن
لإسرائيل بحثا عن عمل .
وخلال بحثه عن عمل قام احد أقاربه باصطحابه
للعمل معه داخل مزرعة شارون القريبة من غزة ويشرح تفاصيل أيام عمله هناك قائلا
" في نفس المكان الذي وضعوا قبره فيه اليوم عملت هناك في مزرعته ، وكنت مع
مئات العمال الفلسطينيين الذين يعملون داخل مزرعته ، وكان طبيعة عملي هو زراعة
البطيخ والشمام ، حيث مساحة مزرعته كبيرة جدا ويتجول داخلها بسيارات "
وأضاف "كنا في بعض الأوقات نسير
خلف شاحنة لتعبئتها بالبطيخ والشمام وتمتلئ الشاحنة وتغادر ولم ننتهي من سطر واحد من المحصول نتيجة
مزرعته الكبيرة ، وطبيعة مزرعته كانت مساحة واسعة للزراعة ومساحات أخرى للأغنام والأبقار
ومصنع لتغليف المنتجات بالقرب من منزله وسط المزرعة "
وشاهد البحيصى شارون كثيرا خلال عمله في
المزرعة حيث كان يسير برفقة حراسه ، وشاهد أيضا زوجته الأولى ليلى والتي كانت
تتمتع بجمال فائق ، حيث كان شخصية عسكرية قوية ارتبط اسمه في الأذهان بعد حرب أكتوبر
بعملية الاختراق التي نفذها في الحرب.
وكان الرعب يدب في نفوس العاملين حين
يدخل شارون المزرعة لهيبته ، حيث أطلق عليه الإسرائيليين أنفسهم عدة أسماء كان أبرزها
البلدوزر.
وتعود ذكريات البحيصى في أول موقف أمامه
في المزرعة حين أهان شارون احد العمال المسنين إمامه والتي بدأ الحقد الحقيقي ينمو
بداخله بعدها حيث قال " كنت مع احد اقاربى وكان بجانبنا عامل فلسطيني مسن
توفاه الله بعد فترة من عمله ، وبينما كان يتحدث مع شارون ولم يعجبه حديث العامل
قال له وهو يشير للكلبين الضخمين من حوله : لو أعطيت الأمر ألان للكلاب فلت تبقى
منك إلا حذاؤك خلال خمس دقائق ، فما كان من العامل إلا مغادرة المكان "
ومنذ هذه اللحظة التي أهان مسن أمامهم
قرر البحيصى برفقة صديقه أن يدمروا بعض محصول البطيخ والشمام في موسمه ، حيث
قام حينها البحيصى بإحداث ثقب في جدار
البطيخ كله ، وكان صديقه يضع لاصق الكرمل والمنشأ على البطيخ وبذلك يتم تغطية
الثقب باللاصق وتجميع البطيخ والشمام خلال أسبوع في مخازن لتجهيز حمولة باخرة
لتصديره إلى أوروبا ، وخلال تصديره لأوروبا وصل لهنأك عبارة عن بضاعة فاسدة ونجح
البحيصى وصديقه بضرب موسم البطيخ والشمام بأكمله في تلك السنة وعاد بالخسارة على
شارون وعادت البضاعة كلها.
ونتيجة انضمامه لأحد فصائل المقاومة
الفلسطينية اعتقله الجيش الاسرائيلى على الجسر بين الأردن والضفة الغربية عام
1980 خلال عودته للعمل في إسرائيل في إجازته الصيفية بعد إتمامه فصلين
دراسيين.
وبدأت رحلة العذاب بعد إدخاله لزنزانة في
سجن عسقلان يتواجد يداخلها 5 عملاء للجيش
الاسرائيلى "عصافير " حيث تقمصوا شخصيات مناضلين في البداية وطلبوا منه
الاعتراف عن طبيعة عمله حتى يقوموا بالتواصل مع القيادة خارج السجن ،وحينما لم
يعترف لهم باى معلومة هددوه بالإعدام حيث أقاموا له مشنقة ومحكمة مكونة منهم جميعا
واتهامه بالعمالة للهروب من واقعه والاعتراف لهم ، لكنه بقى متمسكا بعدم الاعتراف
باى معلومة لهم .
وتم تصفية العملاء الخمسة في الانتفاضة الأولى
على يد الجبهة الشعبية وحركة فتح حيث تم إعدام زعيمهم في غزة والثاني في دير البلح
والثالث في خانيونس والرابع في نابلس
وتم
وضعه في زنزانة لمدة 8 ساعات للتحقيق معه بتهمة التخطيط لاغتيال شارون في مزرعته
بمساعدة بعض العمال في المزرعة والانضمام للمقاومة الفلسطينية ، والتدريب على
صناعة المتفجرات واستخدام السلاح الخفيف .
ويشرح بعض ذكرياته في التحقيق قائلا
" حقق معي جميع قيادات الاحتلال العسكرية التي كانت تتواجد في غزة باستمرار ،
وتوجهت للمحكمة المركبة المكونة من ثلاث قضاة ، وأسقطت النيابة عنى تهمة التخطيط
ولكن القاضي رفض وتم إصدار الحكم 12 عاما
5 سنوات تنفيذ "
وفى إحدى الليالي طلب مدير السجن منه
الحضور في وقت متأخر من الليل واستغرب من حجم الجنود المتواجدين ، فشعر أن هناك
حضور لشخصية مهمة توقع أن يكون شارون شخصيا ، وحينما توجه لمكتب مدير السجن فوجد
مدير امن شارون في انتظاره وكان يعرفه جيدا ولكنه تجاهله ، وحينما سأله مدير الأمن
هل تعرفني يا صلاح فأجابه بلا وأدعى عدم معرفته ، ودار
حينها حوار طويل بينهما انتهى بتهديد مدير امن شارون له بالقول " أوعدك انه راح نعمل ضربة قريبا لعائلتكم
انتوا ما حلمتوا فيها "
ويشرح تفاصيل هذا التهديد عمليا قائلا "كان
ذلك بتخطيط شارون ومدير أمنه ، وبالفعل قتلوا 16 شخصا من اقاربى تحت مسمى حادث سير
عابر ،حيث تم رصد باص حمولته يوميا لعمال من عائلة البحيصى يعملون في بلدية ريشون
، حيث كان طريقهم في الباص من غزة إلى ريشون بالقدوم من الجنوب والتوجه غربا على
مفترق عام باتجاه ريشون"
وتابع شقيقه أبو باسل الذي تواجد
بالصدفة في مكان الحادث على بعد ثلاث سيارات من إشارة المرور على رمزون أسدود والذي
كان يعمل في شركة مقاولات تفاصيل الحادث " كانت ناقلة دبابات عسكرية تريلا 36 عجل تنتظر شرق إشارة المرور قبل ساعة
تنتظر قدوم الباص ، وحينما وصل وبدأ
بالانحراف على المفترق للغرب متجها لمنطقة ريشون تحركت الناقلة العسكرية بسرعة
فائقة وصدمت الباص وفصلت مقدمته عن بقيته ، واكبر دليل على أنها عملية مدبرة أن
السائق لم يهرب ناحية اليمين بل اتجه لليسار أيضا مدمرا كبينة الباص تدميرا كاملا واخفي
معالمها ، وانقلب باقي الباص من قوة الحادث . "
وأضاف " نتيجة قوة الحادث طار 6
ركاب من شبابيك الباص على بعد 200
متر منهم أربعة أشخاص مقطعين الرأس ، وأخرجت وقتها من
الباص 25 جثة قمت بصفها جنبا إلى جنب ،
وكان منهم 16 شخصا من عائلتي نصفهم من الشباب والنصف الأخر ممن هم فوق أل 40 عاما
"
وبقية الركاب كانوا مصابين وتسبب الحادث
لهم بإعاقات دائمة ،ويستذكر موقف محزن وقتها قائلا "أخرجت رجلا قصير القامة
من عائلة الدبجى من بين الشنطات وكان سليما بدون اى إصابات ، وحينما وصلت به إلى
نهاية الباص لإنزاله طلب ماء وشرب، وحينما استدار وشاهد الجثث بجانب بعضها ارتمى
ومات على الفور ووضعت جثته بجانبهم "
وقبل الحادث بأيام قليلة تم ترقية شارون
لوزير الدفاع الاسرائيلى وفى أسبوعه الأول في هذا المنصب تم إعادة التحقيق مع
البحيصى مجددا في تهمة التخطيط لاغتياله وقتله ، بصفته أصبح وزيرا للدفاع .
ويستذكر شقيقه بعض أسماء الذين قتلوا في
الحادثة "احمد عبد الخالق البحيصى ، يوسف شعبان البحيصى ، سالم حسين البحيصى
، عبد الهادي حمدان البحيصى ، ناصر محمود البحيصى ،إسماعيل محمود البحيصى ، عز
الدين البحيصى ، كمال إبراهيم البحيصى ، خليل جاد الله البحيصى ، سلمان الدبجى ،
محمد عفانة ، عبد الرحمن المبحوح ، محمد رستم ، خليل مصطفى البحيصى " بالإضافة لسائق الباص من سكان عرب أل 48
وكان ينام في ديوان عائلة البحيصى ، وبعض الذين كانوا يتواجدون بالصدفة لحظة وقوع
الحادث على مفترق أسدود .
وخرج يومها 20 نعشا من مخيم دير البلح
لتشييع قتلى الحادث ، حيث كان يعتقد شارون أن الباص هو خاص لعائلة البحيصى ، وقرر
الرئيس أبو عمار اعتبار قتلى الحادث هم شهداء الثورة واستهزأت الإذاعة الإسرائيلية
والمراسل العسكري يومها بهذا القرار .
وجاء رئيس بلدية ريشون مع شخصية
اعتبارية في إسرائيل عام 1981 بعد الحادثة
لديوان عائلة البحيصى في مخيم دير البلح لتعزيتهم ، واستقبلهم الشيخ إسماعيل
البحيصى ورفض عزاؤهم قائلا لهم "لا نقبل العزاء من قتلة أبنائنا، فرد عليه
رئيس البلدية أن الحادث قضاء وقدر ،فأجابه
أن الحادث مدبر ، وانصرفوا من المكان .
وأصيب سائق الشاحنة الإسرائيلية
بهستيريا بعدما شاهد حجم الدمار والقتلى خلال عمليته التي نفذها ، وجاء ذلك على
لسان احد المحاميين الذين التقوا به بعد الحادثة .
وتوفى أخر المصابين في الحادث قبل أربعة
أيام وهو الحاج عمر البحيصى " أبو عوض " وأصيب بإصابة في رأسه وفقدان
عينه في الحادثة ، ومحمد شقليه قبل 7 أيام وأصيب ببتر في قدمه وفقدان عينه في
الحادثة .
ويعبر البحيصى عن أسفه وغضيه لموت شارون
حيث قال " كنت أتمنى أن يموت شاروه مقتولا على يد احد أشبال الثورة الفلسطينية
والمقاومة بعد مجازره التي كان يعتبر هو الرأس المدبر لها "
وأفرج عنه قبل انتهاء محكومتيه وذلك في
صفقة التبادل مع الإسرائيليين خلال صفقة احمد جبريل .
ويتمنى البحيصى أن يصحو من نومه ويجد
شعبه متحدا كما كان في الماضي ، ويقول للجميع إسرائيل أنفقت مليارات عبر تاريخها
من اجل شق الصف الفلسطيني فلماذا نقدمه ألان مجانا .
وقال " وفى التوحيد للأمم اتحاد ولم تصل
العلا متفرقين ، كان العالم باخذنا قدوة
والصاروخ الفلسطيني لا يفرق والدم الفلسطيني واحد ، وأتمنى من الله أن يصلح أحوالنا
"
وينتهي بذلك احد الطغاة إلى مزابل
التاريخ في تاريخه الأسود ، حيث تعبر بعض المؤسسات الحقوقية عن أسفها لموته دون
محاكمته ، ونحن نقول لهم أن شارون قد مات ولكن خلفه العشرات من السفاحين متهمين
بالحرب على غزة وقتل المدنين بإمكانكم ملاحقتهم وتقديمهم للعدالة وعلى رأسهم
الرئيس الاسرائيلى بنيامين نتياهو.
لقطات :
إرسال تعليق
جميع الردود تعبر عن رأي كاتبيها فقط ، وحرية النقد متاحة لجميع الأعضاء والقراء والقارئات الكرام بشرط ان لايكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من العبارات البذيئة وتذكر قول الله تعالى " مايلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد" صدق الله العظيم
ابتساماتاضغط هنا لترى الكود!
لاضافة ابتسامة يجب على الاقل وضع مسافة واحدة قبل الكود.